الأربعاء، 31 يناير 2018

أعاني من الأمراض النفسية ومتحير في الأدوية

السؤال

♦ الملخص:
رجل يُعاني مِن اكتئابٍ وقلقٍ ونوبات هلَع ووساوس، جرَّب كثيرًا
مِن الأدوية النفسية لكنه مُتحيِّر فيها.

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا رجل في الأربعينيات من عمري، أعمل محاضرًا في الجامعة،
يَصِفني كثيرون بالتميُّز، لولا بعضُ المشكلات النفسية التي تُسبِّب
لي مُنَغِّصات في نطاق عملي وعلاقاتي الاجتماعية.

فأنا رجل مُتقلِّب المزاج، عصبي غضوب مُتسرِّع، أتخذ قرارًا ثم
أرجع فيه بعدَ أنْ أهدأ! كثير الاعتذار حتى لو لم أخطئ؛ لأني شديد
الإحساس بالذنب، ودائم الجَلد للذات، موسوس لا أثق في الناس،
وأتشكَّك في نَواياهم.

حالتي المزاجيَّة مُتقلِّبة بين الشعور بالحماس والانطلاق، ثم تنقلب إلى
حزنٍ وانطواء وضيق في الصدر، لديَّ ميول انتحارية عند مواجهة
أية مشكلة مهما كانتْ بسيطة، كما أنني متردد وقلق.

أريد إنجازَ عدة أشياء في وقتٍ وجيزٍ على حساب
( الاستمتاع بالحياة )، عندئذٍ أنام بصعوبةٍ، وقد أقوم مِن نومي
فجأةً لتسجيل فكرة علمية!

منذ صغَري وأنا أعاني مِن صعوبةٍ في النوم، تحدُث غالبًا مع شيءٍ
مفرح أنتظره، أو مقلق (امتحان) في اليوم التالي، مع نوبات فزعٍ
وخوفٍ شديدٍ من الموت بدأتْ في سن 15 عامًا، مع زيادة ضربات
القلب.

ذهبتُ لكثيرٍ مِن الأطباء، وأخذتُ أدويةً عديدة مُضادَّة للقلق والاكتئاب
ومهدئات؛ مثل: البروزاك وتربتيزول و(Seroxat) وXanax))،
وأراحتني إلى حدٍّ كبيرٍ.

قرأتُ عن دواء اسمه:
(Remeron)، ونصحني أحدُهم بتناول عقار (Cipralex 10)،
وكنتُ أتناوله قبل النوم فيجعلني أشعر برغبةٍ في النوم، وأسهَم في
حلِّ مشكلة الرهاب ، وأعطاني ثقة كبرى في نفسي وحَسَّن علاقاتي،
لكن الطبيب نَصَحني بالتوقف عنه فورًا وتعاطي السيروكسات
بدلًا منه.
أفكِّر حاليًّا في تعاطي أدوية أخرى أكثر راحة، فمن المستحيل أن
أعيش بدون أدوية؟
فما رأيكم ونصيحتكم؟

الجواب

الأخ الكريم، حفظك الله وأسعدك.
نُرحِّب بك في شبكة الألوكة، ونشكر لك توجُّهك بالاستشارة إلى شبكة
الألوكة، كما يُسعدنا كفاحك في مُواصَلة الحصول على الدرجات العلمية العليا،
ولا شك أنَّ مكانتك المرموقة في الوسط العلمي جاءتْ حصيلةً لمثابرتك
واجتهادك، وهي مِن المُؤشِّرات الإيجابية التي تُؤكِّد قدرتك والطاقة
الكامنة لديك على مقاومة أعراض الاكتئاب الحاد.

وبعدُ:
فأولًا:
نؤكد لك أنَّ المرض النفسي هو ابتلاء كسائر أمراض الجسد،
والحالةُ المرَضيةُ التي تعاني منها هي نوعٌ مِن أنواع الاكتئاب الحاد
Major depressive disorder ،
ولا يخفى عليك أنَّ الله ما أنزل مِن داءٍ إلا وأنزل له الدواءَ؛ لذلك عليك
أن تثق بالله، وتتحلَّى بالأمل والتفاؤل، وتتعامل مع الحالة المرَضية
التي تنتابك بشيءٍ مِن القناعة والرضا بما كُتب لك؛ لأن الجانب الأمثل
في العلاج يَكْمُن في القناعة، والتعامل بشيءٍ مِن السكينة والهدوء
مع المرَض.

ثانيًا:
ننصحك بعدم تغيير العلاج دون العودة لرأي الطبيب المباشر لحالتك،
وبالنسبة للعقار الطبي Remeron فهو يُعَدُّ مِن أكثر العلاجات
الدوائية الفاعلة في تحسين الحالة المزاجية، ومقاومة أعراض الاكتئاب،
والحَدّ مِن أعراضه، خاصة الأفكار الانتحارية المرتبطة بالحالة المزاجية السيئة،
لكن لا يُمكن تناوُل أيّ نوعٍ مِن العقاقير الطبية دون وصفةٍ صريحةٍ
مِن طبيبك المباشر والمختص؛ لأن الأعراض الجانبية قد تُحدث نتائجَ
عكسية غير محمودة.

ثالثًا:
بالنسبة للعقار Cipralex 10 أو( إسيتالوبرام) escitalopram
وهو المسمى العلمي للعلاج، فمِن المعروف عنه الآثار الجانبية
المصاحبة ومنها النُّعاس، مما يُساعدك فترة المساء على النوم،
ويُقلِّل مِن حدة نوبات الأرق، إلا أن تأثيراته الجانبية الأخرى لربما
تكون الدافع وراء توصية طبيبك المختص بالتوقف عن تناوُله،
ونؤكد ضرورة اتباع إرشادات الطبيب بدقة لتحقيق الغاية مِن
العلاج بصورة متوازنة.

رابعًا:
كثيرٌ مِن الأمراض تستوجب مِن المريض المُواظَبة على العلاج بدقة
لتحقيق النتائج الأفضل؛ لذلك نأمُل منك أنْ تتحلَّى بالصبر، وتؤمن
بقدرة الله عز وجل على الشفاء ولا تقنط مِن رحمة الله.

ونُفيدك ببعض التوصيات التي نسأل الله أن يجعلَ فيها شفاءً لما
في صدرك مِن ضيقٍ وهَمٍّ:
• عليك الاهتمام بشكل كبير بالعلاج النفسي، ولا بد أنْ يكونَ جنبًا
إلى جنب مع مضادات الاكتئاب؛ وذلك بهدف تحسين طريقة التعامل
مع المرض، إضافة إلى التعديل على طريقة التفكير، وننصح بتلَقِّي
الجلسات المنتظمة مِن العلاج السلوكي المعرفي
(CBT ) Cognitive Behavioral Therapy .

• لا بد مِن الاستعانة بالأهل والزوجة والأبناء، والاستفادة مِن وُجُودهم
في حياتك للتعديل على الحالة المزاجية السيئة المرتبطة بالاكتئاب،
والخروج عن العلاقات الاجتماعية التي تَزيد مِن حدة أعراض الاكتئاب.

• اخترْ أنشطةً يوميةً تُساعدك على الابتعاد عن مِحْور الضيق، ومن
المهم الاشتراك في الأندية الرياضية التي تتطلَّب جهدًا بدنيًّا؛
لأنَّ الأنشطة الرياضية جانبٌ من جوانب العلاج.

• الالتزام بالعبادة والذِّكر، والمواظبة على قراءة القرآن؛ لما فيه مِن
تأثيرٍ على سلامة النفس والجسد؛
لقوله تعالى:
{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ }
[الإسراء: 82].
• وأخيرًا:
يمكنك التفكير في تحقيق المزيد مِن النجاحات العظيمة في حياتك،
وليس عليك التوقف مطلقًا بسبب المرض.

نسأل الله لك الشفاء العاجل


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق