الاثنين، 4 مارس 2019

دور الأسرة في انحراف الأولاد ( 07 - 08 )

دور الأسرة في إنحراف الأولاد

الأسباب والعلاج

( الجزء السابع - 8 )


7- النزاع والشقاق بين الآباء والأمهات


من العوامل الأساسية التي تؤدي إلى انحراف الولد احتداد النزاع،

واستمرار الشقاق ما بين الأب والأم في أعظم ساعات الاجتماع واللقاء

فالولد حين يفتح في البيت عينيه، ويرى ظاهرة الخصومة أمام ناظريه،

سيترك حتماً جو البيت القاتم، ويهرب من محيط الأسرة الموبوء،

ليفتش عن رفاق يقضي معهم جل وقته ويصرف في مخالطتهم

معظم فراغه، فهؤلاء إن كانوا قرناء سوء ورفاق شر،

فإنه سيدرج معهم على الانحراف ويتدنى بهم إلى أرذل الأخلاق

وأقبح العادات، بل إن انحرافه سيتأكد وإن إجرامه سيتحقق ليصبح

أداة حظر وبلاء على العباد والبلاد .

لهذا فإن معظم الأطفال المشكلين يأتون من منازل مفككة

ومنازل تكثر فيها الاحتكاكات بين الزوجين.


العـــــلاج

والإسلام بمبادئه الحكيمة الخالدة رسم للخاطب المنهج القويم

في حسن اختيار الزوجة، كما رسم لأولياء المخطوبة الطريق الأفضل

في حسن اختيار الزوج، وما ذاك إلا لتحقيق المودة والمحبة

والتفاهم والتعاون بين الزوجين، ثم بالتالي البعد عن كل احتمال للمشكلات

العائلية والخصومات الزوجية، ولهذا فقد ذكر أهل العلم الأسس الصحيحة

في اختيار الزوج والزوجة وهي:


1- الاختيار على أساس الدين:

نقصد بالدين الفهم الحقيقي للإسلام، والتطبيق العملي السلوكي

لكل فضائله السامية، فعندما يكون الخاطب أو المخطوبة

على هذا المستوى من الفهم والتطبيق والالتزام يمكن أن نطلق

على أحدهما أنه ذو دين وذو خلق،

ولهذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم راغبي الزواج

بأن يظفروا بذات الدين لتقوم الزوجة بواجبها الأكمل في أداء حق الزوج

وأداء حق الأولاد وأداء حق البيت على النحو الذي أمر به الإسلام.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم


( تنكح المراة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها

فاظفر بذات الدين تربت يداك )

وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة )

وبالمقابل أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أولياء المخطوبة

بأن يبحثوا عن الخاطب ذي الدين والخلق ليقوم بالواجب الأكمل

في رعاية الأسرة وأداء حقوق الزوجية، وتربية الأولاد والقوامة الصحيحة،

وتأمين حاجات البيت بالبذل والإنفاق،

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجه،

ألا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض )


2- الاختيار على أساس الأصل والشرف:

من القواعد التي وضعها الإسلام في اختيار أحد الزوجين للآخر

أن يكون الانتقاء لشريك الحياة من أسرة عريقة عرفت بالصلاح

والخلق وأصالة الشرف،

لكون الناس معادن يتفاوتون فيما بينهم وضاعةً وشرفًا،

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


( تخيروا لنطفكم وانكحوا الأيامى وانكحوا إليهم )


3- الاغتراب في الزواج:

من توجيهات الإسلام الحكيمة في اختيار الزوجة تفضيل المرأة الأجنبية

على النساء ذوات النسب القريبات حرصاً على نجابة الولد،

وضماناً لسلامة جسمه من الأمراض السارية والعاهات الوراثية

وتوسيعاً لدائرة التعارف الأسرية، وتمكيناً للروابط الاجتماعية،

وقد نصت عليه أي الابتعاد عن زواج الأقارب كتب الفقهاء

وخاصة الشافعية والحنابلة.

وقال البهوتي في كشاف القناع:


[ ويستحب أن تكون أجنبية، قال لأن ولدها يكون أنجب،

ولأنه لا يأمن من الطلاق فيفض مع القرابة إلى قطيعة الرحم المأمور بصلتها ].


4- تفضيل ذوات الأبكار:

من توجيهات الإسلام الرشيدة في اختيار الزوجة، تفضيل المرأة البكر

على المرأة الثيب لِحِكَمٍ بالغة وفوائد عظيمة.

فمن هذه الفوائد: حماية الأسرة مما ينغص عيشها ويوقعها

في حبائل الخصومات وينشر في أجوائها ضباب المشكلات والعداوات،

وفي الوقت نفسه تمكين لأواصر المحبة الزوجية،

لكون البكر مجبولة على الأنس والألفة بأول إنسان تكون في عصمته

وتلتقي معه وتتعرف عليه، بعكس المرأة الثيب لا تجد في الزوج الثاني

الألفة التامة والمحبة المتبادلة،

والتعلق القلبي الصادق للفرق الكبير بين أخلاق الأول ومعاملة الثاني.

وعن جابر رضي الله عنه قال:


( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة فلما قفلنا

كنا قريباً من المدينة قلت: يا رسول الله إني حديث عهد بعرس

قال: تزوجت؟

قلت: نعم،

قال: أبكر أم ثيب

قلت: بل ثيب.

قال: فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك...)


5- تفضيل الزواج بالمرأة الولود:

من توجيهات الإسلام في اختيار الزوجة المرأة الولود، وتعرف بشيئين:

الأول: سلامة جسمها من الأمراض التي تمنع من الحمل

ويستعان بمعرفة ذلك بالمختصين.

الثاني: النظر في حال أمها وحال أخواتها المتزوجات،

فإن كنَّ من الصنف الولود فعلى الغالب هي تكون كذلك.

ومن المعلوم طباً أن المرأة حين تكون من الصنف الولود تكون في الغالب

في صحة جيدة وجسم قوي سليم وتستطيع أن تنهض بأعبائها المنزلية

وواجباتها التربوية وحقوقها الزوجية على أحسن وجه.

من هنا حث رسول الله صلى الله عليه وسلم الأزواج

أن يفتشوا عن المرأة الولود فقال:

( تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم )

التكامل هي أهم مبادئ الزواج وأهم ارتباطاته بقضايا التربية؛

فالإسلام يعالج تربية الأولاد من تكوين الخلية الأولى للأسرة

لهذا شرع هذه الأسس والقواعد في اختيار شريك الحياة

حتى لا يقع الخلاف والنزاع والشقاق.

وللحديث بقية إن شاء الله


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق