الخميس، 25 أبريل 2019

بين غيرة خطيبتي وعاطفتها الشديدة

بين غيرة خطيبتي وعاطفتها الشديدة!

أ. مروة يوسف عاشور

السؤال

♦ الملخص:

شابٌّ خطَب فتاةً، وبعد الخطبة تَبَيَّنَ له أنها غيور جدًّا على أتفه الأشياء، ويَخاف أنْ تَتَأَثَّرَ حياته بعد الزواج.

♦ التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شابٌّ في العشرين مِن عمري عاطلٌ عن العمل، خطبتُ فتاةً،

وإن شاء الله سأتزوَّج قريبًا.

بعد الخطبة تَبَيَّن لي أنَّ الفتاةَ عاطفيَّة جدًّا، وغيور إلى أقصى درجة،

مع أنها تغار بسبب أمور عادية لا تَستدعي الغيرة.

الحمدُ لله أنا شخصٌ متدين، وأتَجَنَّب الشبَه ومواقعها،

لكن المشكلة أنها إذا غارتْ لا تُمَيِّز قولها، فتقول أشياء غريبةً، وتتَّهمني بأشياء غريبة!

أنا الآن محتار بين عاطفَتِها التي سَقَتْني بها، وبين غيرتها، فما توجيهكم بارك الله فيكم؟

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ الكريم حياك الله، قبلَ الخَوضِ فيما تَفَضَّلْتَ بطَرْحِه،

دَعْني أُغَرِّد خارج السرب لألفتَ انتباهك الكريم إلى أمرٍ خطيرٍ، لا أدري كيف تغفله أو تتغافل عنه،

ثم تشتكي أمرًا شائعًا بين النساء في بداية الارتباط؟!

لقد كتبتَ أنك عاطلٌ عن العمل، ثم أخبَرْتَنا أنك مُقبلٌ على الزواج، فهل تعتمد على والدٍ يُنفِق عليك؟

أو رأس مال تَحسب أنه لن ينفدَ؟ أو تترك الأمور حتى يقضيَ الله أمرًا؟

على كل حالٍ هذه نصيحةٌ لك ولغيرك مِن الشباب: أنَّ التوكُّل على الله لا يَعني أبدًا: البقاء بلا عمل؛
فالطيرُ التي تَضرب أروع الأمثلة في التوكُّل حيث تغدو خِماصًا ويرزقها الله لتعود بِطانًا - لا تبقى مكانها،
بل تغدو مِن الصباح، وتطير وتبحث عن الطعام، فلا تعود إلا مَجبورة.

وبعد الزواج وقُدوم الأبناء لن تجدَ مِن زوجتك تلك الغيرة التي تشكو، بل سيحل محلها أعباء وطلبات ومستلزمات،
عليك أن تفيَ بها، وإلا لن ترضى المرأةُ بذلك مِن زوجها، ولن تكتفي بحبها له في غالب الأحوال.

الغيرةُ أيها الفاضل شُعورٌ جِبِلِّي، وعاطفة فطريَّة فطَر الله عليها المرأة والرجل، وقد تكون في الرجل أكثر مِن المرأة كما هو معروف،
لديك مِن أمورٍ، وتجنب إخفاء بعض الأسرار عليها، ولن تبقى مِن تلك الغيرة بعد الزواج إلا ما تستقيم به الحياة؛
حيث ستشعر الزوجةُ بالأمن والطمأنينة في ظِلِّ حضور الزوج الدائم وبقائه إلى جوارها معظم الوقت.

وتبقى السنةُ الأولى في كثيرٍ مِن الأحوال مِن أصعب سني الزواج؛ حيث اختلاف الثقافات والعادات والطِباع،
وتباين الآراء، وتنوُّع الرغبات، فتكون محفوفةً ببعض المشكلات التي لن تلبثَ أن تَتَبَخَّرَ مع تقوى الله واتباع شريعته في التعامل مع الزوجة، وتجاوز كل أزمة.

ولك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أُسوة حسنة حين اشتدتْ غيرةُ زوجته رضي الله عنها؛
فكسرت الصحفة التي أرسلتْ فيها زوجة أخرى الطعام، فلم يزدْ صلى الله عليه وسلم أنْ جَمَع ما تكسَّر،
وجَمَع الطعام ثم أمر بأخرى تعويضًا لها عما فقدتْ، وقال: ((غارتْ أُمُّكم)).

فالغيرةُ شعور فِطري يعتري الإنسانَ عندما تتوفر أسبابه، وتستثار عوامله، وانظُرْ إلى نفسك؛ إ
نْ نَظَر أحد الرجال أو تعامَل مع زوجتك بأسلوبٍ يُثير غيرتَك، فلا أعتقد أنك ستصبر أو تتحمَّل ذلك،
فالإنسانُ الحكيمُ عليه أن يُحْسِن الظن بغيره، ويضَع نفسه مَوضِعهم ليَتَفَهَّم نفسياتهم، ويَتَقَبَّل تقلباتهم.

ثم عليك أن تَبْذُل لها النصح مُغلَّفًا بالرفق، مُحاطًا باللين، مخلوطًا بالمحبة، واحرصْ على أن تتعلَّمَ زوجتُك أمورَ دينها،
وتُحافظ على عباداتها، وبالأخص الصلاة والحجاب، فكلما اقترب العبدُ مِن ربه قلتْ أخطاؤه، وتَطَهَّرَ لسانُه،
وإن غضب واستثار فلن يخرجَ عن الإطار المسموح له؛ فالصلاةُ والعبادات تنهى عن الفحشاء والمنكر.

وفي الأخير تقبَّل مني هذه النصيحة التي أرى أنَّ كثيرًا مِن شباب المسلمين لا يُلقون لها بالًا،
ولا يلتفتون لخطورتها، وهي: أنَّ المخطوبة - غير المعقود عليها - أجنبية عنك كسائر النساء الأجنبيات،
لا يجوز التجاوُز معها في الحوار ولا الحديث حول الحب والغيرة، وما إلى ذلك مِن أمورٍ غير مشروعة لكما،
ولتعلمْ أيها الفاضل أن الحياةَ التي تبدأ بالمعصية لا يُرجى لها التوفيق والاستقامة،
وإن كنتَ تحرص على تأسيس بيت إسلامي تبتغي به رضا الله، وترجو رزقه الطيب،
فتَجَنَّبْ معصيته وتعدِّي حدوده ولو بأمور باتتْ مِن عادات مجتمعك التي لا يُنكرها ولا يَستنكرها الناس.

وفقك الله ورزقك عملًا حلالًا طيبًا، وفَتَح لك أبواب الرزق، ويَسَّرَ لك كلَّ خير

والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل

منقول للفائدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق