الخميس، 12 مارس 2020

متى تأخذ الأم أجازة


متى تأخذ الأم أجازة

الوظيفة الوحيدة في العالم التي بلا إجازات..
بلا أعذار.. بلا اعتبارات شخصية..
.
أنت منذُ ولادة طفلك صرتِ بشكلٍ ما بطلةٌ خارقة..
كائنٌ خرافي لا يشعر بالتعب..

وحدها الأم تضحك على النكات المُكررة و تستمع لذات الحكايا بلغة لا
يفهمها غيرها بنفس شغف المرة الأولى؛ تُشارك في اللعب و هي تطهو
الطعام و تفكر في الوجبة التالية و تنتظر الغسالة لتنتهي و ترتبُ في
رأسها المهمات المتبقية و مواعيد الدواء إن وُجد و قد تمتلك موهبة
الإبتكار فتفكر في أنشطة جديدة تصنعها لطفلها أو تؤلف حكايةً
جديدة لوقت النوم..
.
لا تملُ من الإجابة على كل الأسئلة فتجيبُ على السؤال الألف بنفس اهتمام
السؤال الأول.. تطيرُ فرحاً عندما يفتح طفلها فمه أخيراً بعد المحاولة
المئة ليتناول نصف معلقة من طعام تعده منذُ الصباح و تستمرُ برغم كل
شئ في المحاولة.. فهي أبداً لا تعرف اليأس بل و ليس خياراً متاحاً أصلاً..
فإن يئست هي.. فمن لطفلها ؟
.
المُعجبة الأولى و المشجعة المُخلصة لطفلها.. فقلبها يدق مع كل خطوة
يخطوها طفلها طوال العمر و كأنها الخطوة الأولى و تطرب لكل كلمة
متلعثمة يقولها و كأنها الكلمة الأولى.َلا تتوقف عن الثناء و التشجيع
طوال اليوم على كل شئ مهما صغر.. فهي دائماً و أبداً فخورة..
.
تمرضُ لمرض طفلها ربما أكثر منه و تتألم لألمه أضعافاً كثيرة.. يتوقف
العالم بارتفاع حرارته و يملأها القلق عند كل سعال أو عطسة
أو ندبة صغيرة..
.
تنتظر بفارغ الصبر ذهابهم للروضة و المدرسة لترتاح كما أخبرها
الجميع فتبكي أكثر منهم لفراقهم و تظل طوال ساعات دوامهم منشغله
بهم.. قلقة عليهم.. تدعو الله أن يحفظهم سالمين من كل شر.. تكاد في كل
ربع ساعه تتصفح صورهم و تفتقد ضحكاتهم و صراخهم
و بعثرتهم لألعابهم..
.
تبحثُ دوماً عن الكمال و إن لم تكن مثاليةً فيما يخصها إلا أنها و فيما
يتعلق بأطفالها لا تتوانى أبداً عن العطاء و البحث عن المثالية فلا تتوقف
عن الشعور بالتقصير و البحث دوماً عن ما هو أفضل؛ و لا تعطي
الثقة مطلقةً لأيٍ كان ليعتني بصغارها..
.
حتى ان خصصت لنفسها وقتٌ خاص لا تتوقف عن التفكير في صغارها..
هل كانت أماً جيدة؟ هل هم دافئون؟ هل هم سعداء؟ كيف ستوقظهم غداً؟
و ماذا ستطهو؟ و كيف ستفاجئهم عند عودتهم؟ الى اخره..
.
لا تملكُ رفاهية المرض.. فهي تعمل بدوامٍ كامل جميع أيام الأسبوع لأربع
و عشرون ساعه على مدار العام . و كل عام..

عليها أن تمارس مهامها جميعاً و هي مريضة و قد تنسى أن تُعد لنفسها
مشروباً ساخناً و لا تلاحظ أصلاً مرضها أو احتياجها لتناول دواء ما..
.
فقط عندما ينتهي اليوم.. و ينام الصغار تنتبه.. تتفاجأ.. تشعرُ بكل الآلام
دفعةً واحدة و كأنه انفجار ينتظر الوقت المناسب لينفجر.. فتتعجب متى
تجمعت كل تلك الالام التي لم تلاحظها.. متى أصيبت بتلك الكدمة و متى
احترق اصبعها و كيف أكملت الجلي و حمام طفلها بذلك الإصبع الملتهب..
كيف انحنت طوال اليوم بذلك الظهر الذي يؤلمها الآن و كيف جاوبت كل
تلك الأسئلة و قرأت القصص و ضحكت و أقنعت و حاورت بذلك الصوت
المبحبوح و الحنجرة الملتهبة!
.
لا تسمحي لأحدٍ أبداً أياً كان أن يبخس مجهودك و تعبك مع صغارك..
فأنتِ خارقة.. أنتِ أمٌ بدوامٍ كامل..

و لا يمكن لغيرك أن يقدم حياته و قلبه طواعيةً لأطفاله مثلك..
.
كوني ممتنة للوظيفة التي اختارها لكِ الله فكرمكِ
و جعل الجنة تحت أقدامكِ إن أتممتها كما ينبغي..
.
فقط احتضني أطفالك طويلاً بصدق.. و اتبعي حدسك و صوت
أمومتك.وحتماً سيرشدك إلى الطريق.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق