السبت، 4 يوليو 2020

شرح الدعاء (80)


{رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ}.

هذا الدعاء من نبي اللَّه لوط عليه السلام وقد كان مرسلاً إلى قوم قد
جمعوا بين الشرك، والكفر، والفعل الشديد النكران . فكانوا يأتون الذكران
من العالمين، ولم يسبقهم أحد مثلهم من السابقين، وقصَّ ربّنا عز وجل
لنا عن دعوته لهم، فلم يستجيبوا له، حتى أقرب الناس إليه زوجه، فلمّا
يئس منهم دعا عليهم بعد أن تمادوا إلى أشد النكران والكفران. حيث
أرادوا الفاحشة في ملائكة العذاب حين أتوه بالبشرى في صورة
أضياف آدميين شباب .

فأوى إلى المليك المقتدر السميع القريب فقال:
{رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ}: يا رب انصرني عليهم بإنزال العذاب
الموعود الذي لا يتخلف، والآتي المتحقق، وتوسّلَ إلى اللَّه تعالى
بربوبيته التي من معانيها النفع، ودفع الضر، والنصر، والتربية،
والتدبير، فكان في غاية الحسن في السؤال.

وقوله: {عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ}: على أصحاب الفاحشة الذين سنُّوا هذا
الفعل لمن بعدهم، وإنما وصفهم (بالْمُفْسِدِينَ): مبالغة في استنزال العذاب
عليهم، وقد بيَّن اللَّه تعالى لنا في كيفية هلاكهم: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا}،
فكما قلبوا فطرتهم، قلب اللَّه عز وجل أجسادهم وبيوتهم جزاءً وفاقاً .

وفي هذا القصص عبرة للعباد، وإرشاد إلى الاعتصام باللَّه تعالى في
سؤال اللَّه العصمة، والاستعاذة به عز وجل من المنكرات المضلَّة التي
تُفسد القلب، والعقل، والجسم، والفطرة السليمة .

تضمنت هذه الدعوة المباركة من الفوائد الكثيرة:

1 – لا عاصم على الإطلاق إلا اللَّه تبارك وتعالى.

2 – أن الداعي ينبغي له أن يجانب مصاحبة المفسدين، حتى لا يصيبه
ما أصابهم، وأن يستعين باللَّه في دعائه كذلك عليهم.

3 – أهمية التوسّل إلى اللَّه بالدعاء على المفسدين، كما أفاد لفظ
(انْصُرْنِي)، ولم يقل (أعذني) دلالة على شدة خطورتهم، وأنه من عُصِمَ
منهم فقد نُصِرَ نَصْراً مُؤزَّراً من اللَّه جلّ شأنه .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق