الأحد، 6 سبتمبر 2020

منزلة القلب


منزلة القلب


قال الله تعالى:

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}

[ق: 37].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:

«ألا وَإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألا إنَّ حِمَى اللهِ فِي أرْضِهِ مَحَارِمُهُ،

ألا وَإنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً: إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ،

وَإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وَهِيَ الْقَلْبُ» متفق عليه .

الله تبارك وتعالى فضَّل الإنسان، وشرفه على كثير من خلقه، باستعداده

لمعرفة الله سبحانه، التي هي في الدنيا جماله وكماله، وفخره وسعادته

وأنسه، وفي الآخرة عدته وذخره. وإنما استعد للمعرفة بقلبه، لا بجارحة

من جوارحه، فالقلب هو العالم بالله، وهو المتقرب إلى الله، وهو العامل لله،

وهو الساعي إلى الله، وهو العالم بما عند الله، وإنما الجوارح أتباع له وخدم

وآلات ،يستخدمها القلب ويستعملها استعمال المالك للعبد، واستخدام الراعي

للرعية، واستخدام الإنسان للآلة. فالقلب هو المقبول عند الله، إذا سلم من

غير الله، وهو المحجوب عن الله، إذا صار مستغرقاً بغير الله. وهو الذي

يسعد بالقرب من الله، فيفلح إذا زكاه، وهو الذي يخيب ويشقى إذا دنسه

ودساه. وهو المطيع في الحقيقة لله تعالى، وإنما الذي ينتشر على الجوارح

من العبادات والأخلاق أنواره وآثاره. وبحسب ما فيه من النور والظلام،

تظهر محاسن الظاهر ومساويه، إذ كل إناء بما فيه ينضح، والقلوب كالقدور

تغلي بما فيها. وصلاح العالم وفساده يكون بحسب حركة الإنسان في الحياة،

إ ذ هو قلب العالم ولبه، وصلاح بدن الإنسان وفساده قائم على صلاح القلب

وفساده )كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:

«ألا وَإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألا إنَّ حِمَى اللهِ فِي أرْضِهِ مَحَارِمُهُ،

ألا وَإنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً: إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإذَا فَسَدَتْ

فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وَهِيَ الْقَلْبُ» متفق عليه .

والقلب هو الذي إذا عرفه الإنسان فقد عرف نفسه، وإذا عرف نفسه عرف

ربَّه، وهو الذي إذا جهله الإنسان فقد جهل نفسه، ومن جهل نفسه فقد جهل

ربَّه، ومن عرف ربه فقد عرف كل شيء، ومن جهل ربه فقد جهل كل شيء.

ومن جهل قلبه فهو بغيره أجهل، وأكثر الخلق جاهلون بقلوبهم وأنفسهم

وربهم، وقد حيل بينهم وبين أنفسهم، فإن الله يحول بين المرء وقلبه

كما قال سبحانه:

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ

وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } [الأنفال: 24].

وحيلولته: بأن يمنعه سبحانه عن مشاهدته ومراقبته، ومعرفة أسمائه

وصفاته. وكيفية تقلبه بين إصبعين من أصابع الرحمن، أنه كيف يهوي مرة

إلى أسفل سافلين، وينخفض إلى رتبة الشياطين، وكيف يرتفع أخرى إلى

أعلى عليين، ويرتقي إلى عالم الملائكة المقربين. موسوعة فقه القلوب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق