الثلاثاء، 19 أكتوبر 2021

إنما هي نفس واحدة فإياك أن تغرر بها

 إنما هي نفس واحدة فإياك أن تغرر بها


قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا
وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ }

عجيب أمر أولئك الذين يصرون على الغي والعصيان، ويستمرون
في الضلال والكفران، ويغررون بأنفسهم فإذا وافى أحدهم ربه تعالى يوم
القيامة تمنى لو افتدى نفسه من عذاب الله بطِلاَعِ الأَرْضِ ذَهَبًا،
لو كان يمكنه الافتداء.

فيندم ولات حين مندم، ويقدم الدنيا فكاكًا لو كان يملكها ولات حين مناص.
وهذا فاروق هذه الأمة عُمَرُ المبشرُ من الله تعالى بالرضوان، والموعود
من الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنان؛ يقولُ:
«وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِي طِلاَعَ الأَرْضِ ذَهَبًا لاَفْتَدَيْتُ بِهِ
مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ» .

وبعض الناس يصبح سادرًا في غيه، ويمسي مقيمًا على لهوه، يظن أنه
خُلِقَ سُدى وتُرِكَ هملًا، يتقلب بين الملاعب والملاهي، ينادم الملذات،
ويعاقر الشهوات، لا يتورع عن محرم، ولا يرعوي عن قبيح،
وما دار بخلده الوقوف للحساب، والعرض على رب الأرباب.

{ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }

فيا عبدَ اللهِ إنما هي نَفْسٌ وَاحِدَةٌ فإِياك أَنْ تُغَرِّرَ بِهَا.

أَتَى مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحَرُورِيَّةُ يَدَعُونَهُ إِلَى رَأْيِهِمْ. فَقَالَ:
يَا هَؤُلاءِ إِنَّهُ لَوْ كَانَتْ لِي نَفْسَانِ تَابَعْتُكُمْ بِإِحْدَاهُمَا وَأَمْسَكْتُ الأُخْرَى فَإِنْ
كَانَ الَّذِي تَقُولُونَ هُدًى اتَّبَعْتُهَا بِالأُخْرَى وَإِنْ كَانَتْ ضَلالَةٍ هَلَكَتْ نَفْسٌ
وَبَقِيَتْ لِي نَفْسٌ وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ وَاحِدَةٌ وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أُغَرِّرَ بِهَا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق