الثلاثاء، 26 أكتوبر 2021

سورة العاديات

 سورة العاديات


{ إِنَّ ٱلۡإِنسَـٰنَ لِرَبِّهِ لَكَنُود • وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَلِكَ لَشَهِید }

هذه الآية جواب القسم بخيل المجاهدين في سبيل الله، وبصفاتها وأعمالها
التي كلها وفاء وفداء وإيثار لسيدها؛ فهي تفديه بنفسها، وتشقى لنعيمه،
وتموت لحياته، ولا تعرف لنفسها ولا لحياتها حقاً، ترمي بنفسها في
الخطر وفي النار والبحر وتصبر على الجوع والعطش، وتتحمل المشاق،
تفعل الخيل وهي الحيوان غير العاقل كل هذا مع سيدها الإنسان، وهو
ليس لها برب، وهو الذي يستخدمها أكثر مما يخدمها؛ فكيف بالإنسان
العاقل الشريف مع الله ربه وولي نعمه ؟؟

{إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} !!

إن الإنسان لِنعم ربه لَجحود، وإنه بجحوده ذلك لمقر شهيد على نفسه،
واللَّهَ عَلَى كنود الإنسان لَشَهِيدٌ.

يبقى الإنسان متقلبًا في نعم الله، ممتَّعًا بالصحة وتيسير الأمور، وصلاح
الأحوال زمانًا؛ فإذا ما مسَّته نفحةٌ من بلاءٍ؛ تبرَّم وتضايق، يعد أيام البلاء
ويستطيلها، ويُكثِر الشكوى منها، وينسى أيام العافية ويجحدها؛ وهذا طبع
في جنس الإنسان قلَّما خلا منه أحد إلا من رحمه الله وعافاه. و"الْكَنُودُ":
هو الكفور الجحود للنعم، اللوَّام لربه،

كما قال الحسن: "يَذْكُرُ الْمَصَائِبَ وَيَنْسَى النِّعَمَ".
وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: "الْكَنُودُ الَّذِي أَنْسَتْهُ الْخَصْلَةُ الْوَاحِدَةُ
مِنَ الْإِسَاءَةِ الْخِصَالَ الْكَثِيرَةَ مِنَ الْإِحْسَانِ، والشكور الَّذِي أَنْسَتْهُ الْخَصْلَةُ
الْوَاحِدَةُ مِنَ الْإِحْسَانِ الْخِصَالَ الْكَثِيرَةَ مِنَ الْإِسَاءَةِ". ويكون الْكُنُودُ
إما بالقلب من تسخُّطٍ وضِيقٍ وعدم صبر، أو باللسان وكثرة الشكاية،
وكتم النعم وإظهار البلايا، أو بالفعل فلا يظهر نعم الله عليه ولا يصرفها
في مرضاته ولا يوظفها لما ينفعه في آخرته.

اللهم اجعلنا شاكرين لنعمك، مُثنين بها عليك، وأتمها علينا،
وأوزعنا شكرك كما تحب وترضى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق