الاثنين، 15 نوفمبر 2021

صبـر عظيـم

 

صبـر عظيـم

تكالبت عليها الظروف القاسية حتى كادت أن تقع فريسة لليأس والإحباط
لكن تعلقها بالله تعالى الرحيم بعباده ، كان يفتح لها نوافذ الأمل في حياة
أفضل ، وتوكلها على الله تعالى كان مبعث قوتها وقوة عزيمتها
وسكينة نفسها .

فقد تزوجت وهي صغيرة وأنجبت طفل كالقمر في بهائه، وبعد أن أكمل
طفلها العامين توفي في يوم ختانه بين يديها، وكانوا قد أعدوا له وليمة
كبيرة كما كان يُعمل قديما في يوم الختان، ولم ينتهوا من الوليمة بعد
فغطت ابنها وساهمت في تجهيز الطعام، وبعد انتهاء العشاء أخبرت
زوجها بما حصل وانقلب الفرح إلى عزاء..ثم حصل خلاف بين زوجها
وإخوتها مما تسبب في طلاقها بعد أن أنجبت طفلين من دون ذنب جنته
فقد كانت مطيعة لزوجها بارة بأهلها، فكانت هذه صدمة أخرى لها فقد
كان زوجها من أفضل الناس خلقا ودينا وعلما.. فحزنت عليه حزنا
شديدا.. لكنها تماسكت وتصبرت وسألت الله العوض، فتزوجت بآخر
وأنجبت منه طفلين.. فتوفي أحدهما دهسا على فراشه في فناء منزله أمام
ناظري أمه.. فقد دخلت إحدى السيارات إلى فناء الدار ودهست الطفل
وهو نائم على فراشه ظنا من قائد السيارة أن الفراش لم يكن به أحد..
فالطفل كان صغيرا ونحيلا.. طوت حزنها في قلبها وصبرت واسترجعت،
وكانت والدتها بجانبها تصبرها وتواسيها وتشد من أزرها، وبعد مدة
طلقها زوجها الثاني فقد كره المنزل بعد أن فقد ابنه فيه.. فتجرعت آلامها
وصبرت واحتسبت فقد فقدت ابنها بين عشية وضحاها ثم طلقت من دونما
سبب.. وبعد مدة تزوجت بآخر فرزقها الله بثلاث من الأبناء وتوفي لها
ثلاثة منه آخرين بعد ولادتهم بقليل..لقد مرت بها الكثير من المصاعب
والابتلاءات.. لكنها كانت صابرة محتسبة متيقنة أن الله سيعوضها خيرا
عن صبرها في الدنيا والآخرة، فهي ترجو رحمة الله وفضله وتدعوه
أن يرزقها الصبر والسلوان وأن يعوضها خيرا ويعظم أجرها.. ثم توفيت
والدتها التي كانت خير معين لها بعد الله تعالى على هذه الحياة.. فهي لم
تفارقها أبدا طوال حياتها، وكانت تعتمد عليها في أمور كثيرة من أمور
الحياة.. وقد كانت هذه المصيبة أكبر مصيبة مرت بها فقدت العديد من
أبنائها وها هي الآن تفقد أعز الناس عليها وأحبهم إليها والدتها التي لم
يكن لها في هذه الدنيا سواها فهي ابنتها الوحيدة. والدتها التي طالما
وقفت بجانبها وساندتها، وخففت عنها مصابها، وتحملت عنها الكثير
من مشاكل الحياة وأعانتها على تربية أبنائها حتى أنها كانت لهم الأم الثانية
فلم يكونوا ينادوها بغير أمي، لقد كان الكثير من أقاربها يخشى
عليها أن لا تتحمل هذه المصيبة العظيمة فتقع فريسة للحزن حتى تهلك،
لكنها مع ذلك تماسكت واستعانت بالله تعالى أن يخفف لوعتها على فراق
والدتها الحبيبة..لقد مرت بمصائب وابتلاءات يعجز الكثير عن تحملها
لكن صبرها واستعانتها بالله وطلبها الأجر منه تعالى خفف عنها مصابها
وأعطاها الأمل في حياة أفضل، وقد من الله عليها بعد ذلك بأبناء بررة
يتسابقون لطاعتها ويطلبون رضاها، ورزقت بأحفاد يرونها مثلا لهم
في قوة الصبر والتحمل والتوكل على الله والاستعانة به تعالى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق