الاثنين، 7 فبراير 2022

نحن وأنت

 

نحن وأنت


قال أوس بن عبد الله:

نقل الحجارة أهون على المنافق من قراءة القرآن

--------------

ودعتُ أهلي.. حزناُ لفراقهم

فرحاً بقدمي إلى هذه الأرض..

لأول مرة أدخل المطار.. ولأول مرة سأركب الطائرة

ستصعد بنا إلى أعلى.. وأكون معلقاً بين السماء والأرض مشاعر

متلاحقة.. وعواطف متقلبة..

زحف الخوف على قلبي..

لم يكن هناك متسع للتفكير في عملي..

أين هو..؟ وكيف..؟

ألمح خيالاً يلوح بناظري.. وأنا مرتدٍ ملابس الإحرام

هذه أمنيتي..

تحملت من أجلها الغربة والصعاب..

يُهدّئ ذكرها رجف الخوف في قلبي

تجاذبتني الخواطر.. وسرتُ مع دروب كثيرة

قطع تفكيري موظف الجوازات.. ناولته جواز سفري

ما هي مهنتك.. راعي غنم..؟!!

أجبته.. نعم..

بعد خروجي من صالة المطار

استقبلني صاحب العمل.. فرِحاً.. متبسماً..

استبشرت خيراً..

لم ألمح سوى أنوار المدينة من بعيد.. ثم اختفى كل شيء..

الأسئلة تتوالى.. كم سنة رعيت الغنم..؟

تعرف أمراضها وأسقامها..؟

وما أن فرغ من الأسئلة الطويلة والنوم يغالبني..

حتى توالت النصائح..

لا تُفرط.. ولا تُهمل.. عليك بالجد والاجتهاد

أقبلنا على خيمةً صغيرةٍ.. بعدما اجتزنا طُرقاً وعرة..

هذا مسكنك.. فَرحتُ سعة المكان.. وبالهدوء الجميل..

خيمتي في مكان مرتفع..

ويسكن معي فيها أكوام من العلاف والشعير..

لم تترك لي سوى ركن صغير..

ما تبقى من الخيمة كان مطبخي..

استيقظت لصلاة الفجر.. بعد نومٍ مريح..

بدأت أول يومٍ من أيام عملي..

نظرت إلى غنمي.. واحدة واحدة..

انطلقن أمامي.. وانطلقت أحمل طعامي

استويت على ظهر دابتي..

) سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (

ارتفعت الأتربة على أثر سير الغنم

ونحن نسير الهوينا.. بدأت الخيمة تختفي..

التفت إليها مودعاً

موعد الإياب غروب الشمس

بعد مسير طويل.. حططنا رحالنا..

تفقدت المكان.. وأطعمت الصغار

أذنتُ لصلاة الظهر

تردد صدى صوتي في الأماكن القريب..

اطمأننتُ أن الغنم حولي.. أقمت الصلاة.. وصليت

رحلتُ بعيداً حيث مسجدنا هناك..

تذكرت بداية حفظي للقرآن

عاد صوت والدي إلى مسامعي.. وهو يوصني بحفظ القرآن

فرصةٌ لا تعرض.. وغنيمةٌ باردة..

ليس لدي ما يشغلني.. ومَن هنا يُحادثني..؟!

من شدة الحر.. لم أزد على ثلاث لقيماتٍ أكلتها..

وعندما حانت العودة..

كنت قد اتخذت القرار المهم.. سأحفظ القرآن إن شاء الله

نعم وأنا راعي الغنم

شكرت الله على هذا التوفيق

وأن عملي خارج المدينة. هنا رغم شدة العيش وقسوة الحياة لا غيبةٌ..

ولا نميمةٌ.. ولا فتن.. صفاءٌ في كل شيء..

ما إن تراءت الخيمة.. حتى أسرعت الخراف والنعاج

سريعاً وصلن إلى حيث الماء..

توضأت وأذنت لصلاة المغرب

هذا كان أول يومٍ لي هُنا.. وأيامي هكذا..

يوم الجمعة أسير على قدميّ لأشهد الصلاة

أخبرت صاحب العمل

أني ما جئت إلى هنا إلا رغبة في أداء مناسك الحج..

ولكنه أجاب ببرود واضح.. بقي شهور.. ولم أر ذلك الحماس تسألني..؟

هذا هو قدومي..

ولكنك تعجب كيف حفظت القرآن؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق