الأربعاء، 9 فبراير 2022

دمعة في فرح

 

دمعة في فرح



قال أحمد بن حرب..

إن أحدنا يؤثر الظل على الشمس ثم لا يؤثر الجنة على النار


--------------

امتلأت الغرفة بالمهنئات..

أنظر إلى زميلاتي وقريباتي.. الكل يُسلم.. ويبارك..

بارك الله لكما وبارك عليكما.. وجمع بينكما في خير..

ويدعو بالتوفيق والذرية الصالحة

بعد دقائق..

جلست وحيدة أترقب القادم.. سقطت من عيني دمعة

عندما تذكرتُ أمي وهي تدعو لي بالزوج الصالح

كأنني في حلم.. رجعت بالذاكرة سنين طويلة..

صبحا ذاك اليوم..

أين أمي..؟ أين ذهبت..؟

ارتفع صوتي أطول من هامتي.. فأنا ابنة خمس سنين

أعدتُّ السؤال.. أين أمي..؟

كانت الدموع.. الجواب

هناك من أضاف.. بصوتٍ ضعيفٍ.. قطعة البكاء ذهبت إلى الجنة

إن شاء الله..

لا أعرف في ذلك اليوم.. من أبكى الآخرة..؟

أهي أنا وأخي صاحب الثلاث سنوات.. أم بكاء من حولنا..؟

أمسكت بيد أخي نبحث عن أمنا

تعبت أقدامنا من الجري هنا.. وهناك..

صعدنا إلى الدور العلوي..

طرقنا أبواب الغرف جميعاً.. ذهبنا إلى المطبخ..

ورغم التعب.. لن نجدها..

عندها.. تأكدتُّ أن أمي ليست في المنزل

ضممتُ أخي إليّ.. وبكيت

من التعب والإرهاق غفونا..

بعد ساعة أو ساعتين.. أمسكتُ بيد أخي.. لنعيد البحث..

لم نجدها في المنزل.. رغم كثرة النساء

لقد كانت ملء السمع والبصر.. ولكن أين اختفت..؟

بعد صمت طويل.. ووقوفٍ مستمر.. تذكرتُ بفرح..

• هناك مكان لم نبحث عنها فيه.. إنه ظل الشجرة..

كانت تُحب ذلك المكان.. بسرعة أجري

تعبنا من نزول الدرج.. وسقط أخي من شدة جذبي له..

ولكننا في النهاية.. لم نر سوى الشجرة..

نظرت أعلى الشجرة.. تحتها.. كل مكان وقع عليه بصري..

ليس هنا سوى الشجرة.. وبقايا زرعٍ كانت تُحبه

ولكن أين أمي..؟

فجأةً..

تعالت الأصوات.. رأيت الرجال وقد تنادوا

أطرقت سمعي.. وأشخصت بصري..

لحظات من الحركة السريعة..

مروا من أمامنا يحملون شيئاً على أكتافهم

قلت لأخي حين سألني.. ما هذا..؟

قلت له ببراءة الأطفال..

هذا شيء ثقيل.. فالكل يشارك في حمله..

لم أكن أعرف أن تلك المحمولة.. هي.. أمي..

وإلا لأمسكت بها.. ولم أدعها تذهب..

اختفى الرجال..

هدأت الأصوات.. وساد الصمت..

جلسنا نلعب في التراب بطمأنينة..

في ظل الشجرة.. كعادتنا عندما تكون أمي بجوارنا..

هذا أول يوم نخرج فيه إلى الحديقة بدون حذاء..

نعطش.. فلا نجد الماء..

أقبلت إحدى قريباتي وأخذتنا معها إلى الداخل..

• في صباح الغد..

بدأنا مشوار البحث في كل مكان..

استجمعت قواي.. قلت لأخي وهو يبكي حولي..

سترجع أمي.. وستعود.. وستعود..

هبت جدتي مسرعة عندما ارتفعت أصواتنا بالبكاء..

ضمتنا إلى صدرها..

لازلت أتحسس دمعتها التي سقطت على رأسي..

• كلما شاهدت أمّاً قبلتها.. فيها رائحة أمي..

تذكرت يوماً.. أنها قالت لي عندما أغضبتها

سأذهب.. وأترككم..

لازلتُ أتذكر حين أتينا لزيارتها في المستشفى..

بجوار سريرها.. حملني أبي.. وقال لها.. هذه أروى..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق