غيري بأكثر هذا الناس ينخدع
غَيرِي بأكْثرِ هذا النّاسِ يَنْخَدِعُ
|
إنْ قاتَلُوا جَبُنوا أوْ حدّثوا شجُعُوا
|
أهلُ الحَفيظَةِ إلاّ أنْ تُجَرّبَهُمْ
|
وَفي التّجارِبِ بَعد الغَيّ ما يَزَعُ
|
وَما الحيَاةُ ونَفسي بَعدَمَا عَلِمَتْ
|
أنّ الحَياةَ كَما لا تَشتَهي طَبَعُ
|
لَيسَ الجَمالُ لِوَجْهٍ صَحّ مارِنُهُ،
|
أنْفُ العَزيزِ بقَطعِ العِزّ يُجْتَدَعُ
|
أأطرَحُ المَجْدَ عَنْ كِتْفي وَأطْلُبُهُ
|
وَأتْرُكُ الغَيثَ في غِمْدي وَأنْتَجعُ
|
وَالمَشْرَفِيّةُ لا زَالَتْ مُشَرَّفَةً
|
دَواءُ كلّ كَريمٍ أوْ هيَ الوَجَعُ
|
وفارِسُ الخَيْلِ مَن خَفّتْ فوَقّرَهَا
|
في الدّرْبِ والدّمُ في أعطافِهِ دُفَعُ
|
فَأوْحَدَتْهُ وَما في قَلْبِهِ قَلَقٌ
|
وَأغضَبَتْهُ وَمَا في لَفْظِهِ قَذَعُ
|
بالجَيْشِ تَمْتنعُ السّاداتُ كُلّهُمُ
|
وَالجَيشُ بابنِ أبي الهَيْجاءِ يَمتَنِعُ
|
قَادَ المَقانِبَ أقصَى شُرْبِها نَهَلٌ
|
على الشّكيمِ وَأدْنَى سَيْرِها سَرَعُ
|
لا يَعْتَقي بَلَدٌ مَسراهُ عَنْ بَلَدٍ
|
كالمَوْتِ لَيسَ لَهُ رِيٌّ وَلا شِبَعُ
|
حتى أقامَ عَلى أرْباضِ خَرْشَنَةٍ
|
تَشْقَى بهِ الرّومُ والصّلبانُ والبِيَعُ
|
مُخْلًى لَهُ المَرْجُ مَنْصُوباً بصارِخَةٍ
|
لَهُ المَنابِرُ مَشْهُوداً بهَا الجُمَعُ
|
يُطَمّعُ الطّيرَ فيهِمْ طُولُ أكْلِهِمِ
|
حتى تَكادَ على أحيَائِهِمْ تَقَعُ
|
وَلَوْ رَآهُ حَوَارِيّوهُمُ لَبَنَوْا
|
على مَحَبّتِهِ الشّرْعَ الذي شَرَعُوا
|
لامَ الدُّمُستُقُ عَينَيْهِ وَقَدْ طَلَعَتْ
|
سُودُ الغَمَامِ فَظَنّوا أنّها قَزَعُ
|
فيها الكُماةُ التي مَفطومُها رَجُلٌ
|
على الجِيادِ التي حَوْلِيُّهَا جَذَعُ
|
يَذري اللُّقَانُ غُباراً في مَنَاخِرِهَا
|
وَفي حَناجِرِهَا مِن آلِسٍ جُرَعُ
|
كَأنّهَا تَتَلَقّاهُمْ لِتَسْلُكَهُمْ
|
فالطّعْنُ يَفْتَحُ في الأجْوَافِ ما يسعُ
|
تَهْدِي نَواظِرَهَا وَالحَرْبُ مُظلِمَةٌ
|
مِنَ الأسِنّةِ نَارٌ وَالقَنَا شَمَعُ
|
دُونَ السَّهَامِ وَدُونَ القُرّ طَافِحَةٌ
|
عَلى نُفُوسِهِمِ المُقْوَرّةُ المُزُعُ
|
إذا دَعَا العِلْجُ عِلجاً حالَ بَيْنَهُمَا
|
أظْمَى تُفَارِقُ مِنهُ أُخْتَهَا الضِّلَعُ
|
أجَلُّ مِنْ وَلَدِ الفُقّاسِ مُنكَتِفٌ
|
إذْ فاتَهُنّ وَأمضَى منهُ مُنصَرِعُ
|
وَمَا نَجَا مِنْ شِفارِ البِيضِ مُنفَلِتٌ
|
نَجَا ومِنْهُنّ في أحْشَائِهِ فَزَعُ
|
يُبَاشِرُ الأمْنَ دَهْراً وَهْوَ مُختَبَلٌ
|
ويَشرَبُ الخَمْرَ حَوْلاً وهوَ ممتقَعُ
|
كَمْ مِنْ حُشاشَةِ بِطْرِيقٍ تضَمّنَها
|
للباتِراتِ أمِينٌ مَا لَهُ وَرَعُ
|
يُقاتِلُ الخَطْوَ عَنْهُ حِينَ يَطلُبُهُ
|
وَيَطرُدُ النّوْمَ عَنْهُ حينَ يَضْطَجعُ
|
تَغدو المَنَايا فَلا تَنْفَكّ وَاقِفَةً
|
حتى يَقُولَ لهَا عُودي فَتَنْدَفعُ
|
قُلْ للدُّمُسْتُقِ إنّ المُسْلَمينَ لَكُم
|
خانُوا الأميرَ فجازاهُمْ بما صَنَعُوا
|
وَجَدْتُمُوهُمْ نِيَاماً في دِمائِكُمُ
|
كأنّ قَتْلاكُمُ إيّاهُمُ فجَعُوا
|
ضَعْفَى تَعِفّ الأيَادي عَنْ مِثالِهِمِ
|
منَ الأعادي وَإنْ هَمّوا بهم نَزَعوا
|
لا تَحْسَبُوا مَن أسرْتم كانَ ذا رَمَقٍ
|
فَلَيْسَ يأكُلُ إلاّ المَيْتَةَ الضبُعُ
|
هَلاّ على عَقَبِ الوادي وقد طَلَعَتْ
|
أُسْدٌ تَمُرّ فُرادَى لَيسَ تجتَمعُ
|
تَشُقّكُمْ بفَتَاهَا كُلُّ سَلْهَبَةٍ
|
والضّرْبُ يأخذُ منكُم فوْقَ ما يدَعُ
|
وَإنّما عَرّضَ الله الجُنُودَ بِكُمْ
|
لكَيْ يَكونوا بلا فَسْلٍ إذا رَجعوا
|
فكُلّ غَزْوٍ إلَيكُمْ بَعدَ ذا فَلَهُ
|
وَكُلّ غازٍ لسَيْفِ الدّوْلةِ التّبَعُ
|
تَمْشِي الكِرامُ على آثارِ غَيرِهِمِ
|
وَأنتَ تَخْلُقُ ما تأتي وَتَبْتَدِعُ
|
وَهَلْ يَشينُكَ وَقتٌ كنتَ فَارِسَهُ
|
وَكانَ غيرَكَ فيهِ العاجِزُ الضَّرَعُ
|
مَن كانَ فوْقَ مَحلّ الشّمسِ موْضِعُه
|
فَلَيْسَ يَرْفَعُهُ شيءٌ وَلا يَضَعُ
|
لم يُسلِمِ الكرُّ في الأعقابِ مُهْجَتَهُ
|
إنْ كانَ أسلَمَها الأصْحابُ وَالشِّيَعُ
|
لَيتَ المُلُوكَ على الأقدارِ مُعْطِيَةٌ
|
فلَمْ يكُنْ لدَنيءٍ عندَهَا طَمَعُ
|
رَضِيتَ مِنهُمْ بأنْ زُرْتَ الوَغى فرَأوْا
|
وَأن قرَعتَ حَبِيكَ البَيضِ فاستَمَعوا
|
لَقد أباحَكَ غِشّاً في مُعامَلَةٍ
|
مَن كنتَ منهُ بغَيرِ الصّدقِ تَنتَفعُ
|
الدّهْرُ مُعتَذِرٌ والسّيفُ مُنْتَظِرٌ
|
وَأرْضُهُمْ لَكَ مُصْطافٌ وَمُرْتَبَعُ
|
وَمَا الجِبَالُ لنَصْرانٍ بحَامِيَةٍ
|
وَلَوْ تَنَصّرَ فيها الأعصَمُ الصَّدَعُ
|
وَمَا حَمِدْتُكَ في هَوْلٍ ثَبَتَّ بِهِ
|
حتى بَلَوْتُكَ وَالأبْطالُ تَمتَصِعُ
|
فَقَدْ يُظَنّ شُجاعاً مَنْ بِهِ خَرَقٌ
|
وَقَدْ يُظَنّ جَبَاناً مَنْ بِهِ زَمَعُ
|
إنّ السّلاحَ جَميعُ النّاسِ تَحْمِلُهُ
|
وَلَيسَ كلُّ ذواتِ المِخْلَبِ السَّبُعُ
|
اسم
الشاعر .............................. المتنبي
العصر
................................... عباسي
عدد
الأبيات ................................. 49
البحر
...................................... بسيط
الروي
....................................... عين
الغرض
...................................... مدح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق