السبت، 29 سبتمبر 2012

الموت حبا


أريد أن تمنحيني الموتَ و الكفنا ** فقد منحتكِ عمري والشباب أنا
وقد وهبتكِ مِن شعري قلائده ** ومِن خزائن قلبي ما غلا ثمنا
ومِن ضلوعي البقايا من تمردَها ** ومن جفوني الخيالَ الحلو والوسنا
ومِن قفاري الخزامى في بكارتها ** ومِن بحاري القلوع البيض والسفنا

** **  

أوآه ! حُبَك في روحي يطاردني ** يسومني شوكه .. والسوط .. والحزَنَا
أعيش فيه معاناتي مؤبدةً ** لا ينتهي زمن إلا حدا زمنا
أعِدُّ في السجن أيامي .. وأعشقها ** يا سجنُ ! هل ثم قبلي عاشقٌ سُجنا ؟
أضيقُ بالقيد .. لكنّي أقبّلهُ ** و رب قيدٍ على عبدٍ بكى .. وحنا

** **  

واليوم جاء الخريف الفظَ يسألني ** متى رُحَيلُك كم تنوي البقاء هنا ؟
وأقبلتْ مِن وراءِ الشيبِ هامسةً ** مدائن الغيب هيّا فاللقاء دنا
و الأربعونُ عويلٌ ملْ أوردتي ** و في شفاهيَ يبكي الصيف و اللبنا
أما الحسان فأوراقٌ مبعثرةٌ ** تطير في الريح .. لا تدري لها وطنا
أما الأماسي .. فأوهامٌ أجرُعُّها ** كما تجرعَني .. الويلاتِ والمِحنَا
أما القوافي .. فلا سكرٌ ولا قدَحٌ ** فيا لشقوة كرمٍ جفَّ دون جنا 

** **  

مات الصبي الذي قد كان يسكنني ** وكنت أسكنه .. والكائنات لنا
لما انطلقنا فماج الأفقُ مِن طربِ ** لما رقصنا فجاء البدرُ لآمسَنا
لما مضينا نشّق البحر .. زوبعةً ** مِن الأغاني .. تعيد البحر رجع غِنا
لما انطلقنا على الصحراء قافيةً ** ما غازلت جؤذرًا إلا هفا .. ورنا
مات الصَبي .. فلا شعر و لا فَرَحٌ ** ليولد الكهلُ دنياه أسَى وونى 

** ***

أقول والألم المعطاء يشنقني ** أقول لو تسمعين الشجو و الشجنا
أريد أن تمنحيني الموت و الكفنا ** فقد منحتك عمري والشباب أنا

" غــــــازي القصيـــــــبي "

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق