الأربعاء، 24 أكتوبر 2012

داء الكَلَب .. داء الأهواء الردية

للإمام الشاطبي
عن معاوية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ سَتَفْتَرُقُ
عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، يَعْنِي الأَهْوَاءَ، وَكُلُّهَا فِي النَّارِ إِلا وَاحِدَةً وَهِيَ الْجَمَاعَةُ)
وَقَالَ:
(إِنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ تَتَجَارَى بِهِمُ الأَهْوَاءُ كَمَا يَتَجَارَى
الْكَلْبُ بِصَاحِبِهِ، فَلا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلا مَفْصِلٌ إِلا دَخَلَهُ)
إسناده صحيح : أخرجه أحمد (4/102 ، رقم 16979) ، والدارمي
(2521) ، والطبرانى في الكبير (19/377 ، رقم 885) ، والحاكم
(1/218 ، رقم 443) . ومحمد بن نصر في السنة (50-51) ،
وابن بطة في الإبانة (1/371) وأخرجه أيضًا : أبو داود (4/198 ،
رقم 4597) ، وابن أبى عاصم فى السنة (1/7 ، رقم 2) .وصححه
الألباني في ظلال الجنة : رقم 2 والصحيحة ( 204 )
وصحيح الجامع الصغير ( 2641 ).
قال شيخ الإسلام : هذا حديث محفوظ من حديث صفوان بن عمرو عن
الأزهر بن عبد الله الحرازي وعن أبي عامر عبد الله بن يحيى عن معاوية
ورواه عنه غير واحد منهم أبو اليمان وبقية وأبو المغيرة رواه أحمد
وأبو داود في سننه وقد روى ابن ماجه هذا المعنى من حديث صفوان بن
عمرو عن راشد بن سعد عن عوف بن مالك الأشجعي ويروى من وجوه
أخر.
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
يتجارى: التجاري، تفاعل من الجري، وهو الوقوع في الأهواء الفاسدة،
والتداعي فيها، تشبيها بجري الفرس.
الكَلَب : قال ابن الأثير: داء يَعْرِض للإنسان من عَضِّ الكَلْب الْكَلِبِ فيُصِيبُه
شِبْه الجُنون فلا يَعَضُّ أحداً إلاّ كَلِب، وتَعْرِض له أعْراضٌ رَدِيئة، ويَمْتَنِع
من شُرْب الماء حتى يموت عَطَشاً.
قال العباد: يحصل لذلك المعضوض بسبب هذه العضة ضرر
وألم يصل إلى جميع جسده، ولا يبقى منه مفصل أو عرق إلا دخله.
قال الإمام الشاطبي:
معنى هذه الرواية أنه عليه الصلاة والسلام أخبر بما سيكون في أمته من
هذه الأهواء التي افترقوا فيها إلى تلك الفرق، وأنه يكون فيهم أقوام
تداخل تلك الأهواء قلوبهم حتى لا يمكن في العادة انفصالها عنها وتوبتهم
منها، على حد ما يداخل داء الكلب جسم صاحبه فلا يبقى من ذلك الجسم
جزء من أجزائه ولا مفصل ولا غيرهما إلا دخله ذلك الداء، وهو جريان
لا يقبل العلاج ولا ينفع فيه الدواء، فكذلك صاحب الهوى إذا دخل قلبه،
وأشرب حبه، لا تعمل فيه الموعظة ولا يقبل البرهان، ولا يكترث بمن
خالفه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق