الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

فما فضل الكريم على اللئيم ؟


هذه واحدة من القصص التراثية النادرة وقد رواها القاضي التنوخي في كتابه"المستجاد من فعلات الأجواد"


قال الأصمعي: قصدت في بعض الأيام رجلًا كنت أغشاه لكرمه فوجدت على بابه بوابًا فمنعني من الدخول إليه. ثم قال: والله يا أصمعي ما أوقفني على بابه لأمنع منك الدخول إليه إلا رقة حاله، وقصور يده، فكتبت رقعة أقول فيها:


إذا كان الكريم له حجاب ... فما فضل الكريم على اللئيم


ثم قلت له: أوصل رقعتي هذه إليه ففعل. فعادت الرقعة وقد وقع على ظهرها: 

إذا كان الكريم قليل مال ... تستر بالحجاب عن الغريم

وأرسل مع الرقعة صرة فيها خمسمائة دينار. فقلت والله لأتحفن أمير المؤمنين بهذا الخبر، " فما مر بي مثله "
فجئت إليه، فلما رآني قال لي: من أين يا أصمعي؟ قلت: من عند رجل أكرم الأحياء حاشا أمير المؤمنين. قال: ومن هو؟ قلت: رجل قراني علمه وماله. ثم دفعت إليه الرقعة والصرة " وأوعدت عليه الخبر فلما رأى الصرة أربد وجهه " فقال: هذا ختم بيت مالي، ولا بد لي من الرجل الذي أدفعها إليك. فقلت: والله يا أمير المؤمنين إني لأستحي أن أروعه برسلك، فقل لبعض خواصه: امض مع الأصمعي فإذا أراك الرجل فقل له: أجب أمير المؤمنين من غير إزعاج ولا إظهار شدة. قال: فلما حضر الرجل بين يدي أمير المؤمنين قال: أما أنت بالأمس الذي وقفت بموكبنا وشكوت إلينا رقة حالك وأن الزمان قد أناخ عليك بكلكله؟ فدفعنا إليك هذه الصرة لتصلح بها حالك، فقصدك الأصمعي ببيت شعر واحد فدفعتها إليه. فقال: والله ما كذبت فيما شكوته لأمير المؤمنين من رقة الحال، وصعوبة الزمان، لكني استحييت من الله أن أعيد قاصدي إلا كما أعادني أمير المؤمنين. فقال أمير المؤمنين: لله أنت فما ولدت العرب أكرم منك، ثم أمر له بألف دينار. قال الأصمعي: فقلت ألحقني يا أمير المؤمنين فتبسم، وأمر أن تكمل لي ألف دينار وأعاد الرجل من جملة ندمائه.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق