الاثنين، 31 ديسمبر 2012

حذار ِ أنْ تَكُونُوا مِنَ المُطَفِفِينْ


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد،

وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

قال تعالى

}أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا{

فهذه سياحة في أوائل سورة المطففين يتعلم منها المسلم كيف أن هذا

القرآن العظيم قد أعطى تصورا شاملا لنواحي الحياة جميعا ، التي غفل

عنها الكثير من المسلمين اليوم ، فلم يعرفوا من الإسلام إلا اسمه ، ومن

المصحف إلا رسمه ، إنها تذكرة ، ودعوة لفهم كتاب الله وتدبر آياته.

قال الله تعالى

}وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ *

وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ *

لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ{

(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) ويل: كلمة ترد في القرآن الكريم كثيراً، فما معنى هذه الكلمة؟ .

قيل: إنها اسم واد يسيل منه صديد أهل النار تستغيث منه النار من شدة

هوله، وعلى هذا فتكون اسماً لشيء محسوس، وقيل: إنها كلمة وعيد،

فمعنى ويل: أي وعيد شديد لهؤلاء، ، ومعناها على القول الراجح: أنها

كلمة وعيد يتوعد الله تبارك وتعالى بها من أسندت إليه.

هؤلاء المطففون الأشقياء لهم صفتان:

الصفة الأولى: (إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ )

يعني: إذا طلبوا حقهم من الناس استوفوا، وليس فيه لوم على الإنسان أن

يستوفي حقه، لكن اللوم أن يستوفي حقه كاملاً، ولكنه لا يعطي الحق الذي

عليه كاملاً، ولهذا قال: (وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) أي: ينقصون،

وهذه هي الصفة الثانية، فهل هذا عدل أم جور؟

إن الإنسان الذي يطلب حقه كاملاً، ويعطي الحق الذي عليه ناقصاً إنسان

جائر ؛ لأن هذا خلاف العدل، والله تعالى لا يحب الجائرين، انه يحب

المقسطين العادلين.

قال أهل العلم: إن هذه الآية عامة في جميع الحقوق التي بين العباد ،

وإنما ذكر الله الكيل والوزن لأنه معروف، فكل الباعة الذين يبيعون

ويشترون يعرفون الكيل والوزن.

أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من الناجين حين يقوم الناس لرب العالمين

المطففون على أصناف فمنهم:
ـ زوج يريد من الزوجة أن تعطيه حقه كاملاً وهو يبخسها حقها.
ـ صاحب يريد من صاحبه أن يكون له مثل العسل،
لكنه يعامل صاحبه بما هو مر كالحنظل .
ـ موظف يطلب الراتب كاملاً، لكنه لا يعطي الوظيفة حقها دواما وعملا.
ـ مدرس أو معلم يريد من التلاميذ أن يحترموه ، وهو لا يلين لهم،
ولا يعطي الدرس حقَّه.
ـ رجل استأجر أجيراً، فاستوفى الحق منه تاماً لكنه لم يعطه الأجرة كاملة .
كل هؤلاء مطففون ؛ لأنهم يستوفون حقوقهم كاملة ، ولا يعطون الحق
الذي عليهم كاملاً. فماذا ينتظرهم يوم القيامة؟  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق