الأحد، 3 نوفمبر 2013

آداب المتعلم

كلنا يعلم أن أول ما نزل من القرآن الكريم أن أمر الله تعالى نبيه بالقراءة:
 
{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) }
العلق
 
ومنّ على الإنسان بالإنعام عليه بالعلم
 
{ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)
عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) }
العلق
 
ثم أقسم في ثاني سورة بالكتابة وأدواتها
 
{ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) }
القلم
 
ثم تتالت الآيات في بيان فضل العلم كقوله تعالى:
 
{ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا (128) }
الأنعام
 
وفي الحث على التعلم كقوله تعالى:
 
{ فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ (122) }
التوبة
 
وفي تكريم العلماء كقوله جلّ وعلا
 
{ قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43) }
الرعد
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
تمت معجزة الدين الجديد
بالقضاء على ظلام الجهل والخرافة والأمية، ونشر مشاعل العلم
والحكمة والحضارة والمعرفة في أرجاء الأرض.
 
وليس هناك من دين سماوي أو نظام وضعي حض على العلم وقدسه
وأمر بتحصيله وتحكيمه في كل خطوة من خطوات الحياة وفي كل ميادينها
كما فعل الإسلام.
 
ففي وقت كان العلم محظورا على الرعاع من الناس،
ومقصورا على طبقة الأشراف والنبلاء، لم يبح الاسلام العلم
وإنما جعله فريضة على جميع معتنقيه،
 
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :
 
( طلب العلم فريضة على كل مسلم )
رواه ابن ماجه وغيره عن أنس.
 
وتبرأ من كل جاهل
 
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :

( ليس مني إلا عالم أو متعلم )
رواه الديلمي عن ابن عمر.
 
وجعله بمنزلة الحيوان الأعجم
 
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :
 
( الناس رجلان: عالم أو متعلم، ولا خير فيمن سواهما )
رواه الطبراني عن ابن مسعود.
 
وجعل العلم طريقا الى الفوز بالجنة
 
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :
 
( من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا الى الجنة )
رواه مسلم
 
وجعل طالبه حبيب الملائكة الذين يقومون بتأييده ومعونته،
 
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :

( إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاء بما يصنع )
رواه أبو داود عن أبي الدرداء
 
وبين أن القليل منه، خير من كثير العبادة
 
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :
 
( لأن تغدو فتتعلم بابا من العلم خير من أن تصلي مائة ركعة
رواه ابن عبدالبر عن أبي ذر
 
وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :
 
( فضل العلم خير من فضل العبادة )
رواه الطبراني والحاكم
 
وجعل طلبه جهادا في سبيل الله
 
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :
 
( من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع )
رواه الترمذي عن أنس
 
وأجره كأجر من ظفر بحجة تامة
 
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :
 
( من غدا الى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلمه
كان له كأجر حاجّ تاما حجّته )
رواه الطبراني عن أبي أمامة
 
وسببا في مغفرة الذنوب وتكفير الخطايا
 
وجعل أثره بعد موت صاحبه عملا مستمرا له وأجرا باقيا وثوابا جاريا في صحيفته
 
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :
 
( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية
أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له )
رواه مسلم عن أبي هريرة.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
حث القرآن في آياته على تتبع علوم الكون كله
ولئلا يفهم الناس أن المقصود من العلم هو علم العبادات والمناسك فقط
حث القرآن في آياته على تتبع علوم الكون كله، واستنباط أسراره
وتعلم قوانينه والاستفادة من نظامه ودقة نواميسه
 
قال سبحانه :
 
{ أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ (185) }
الأعراف
 
وقال تعالى :
 
{ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ (191) }
آل عمران
 
وأشار في محكم تنزيله الى بعض علوم السماء والأرض، والنبات
والحيوان، والأجنة والفلك، والسياسة والاجتماع،
والمعاملات الاجتماعية والعلاقات الدولية
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
ومن وحي هذه التعاليم الاسلامية
لم تمض فترة وجيزة إلا وصار كل بيت قبلة، وكل سوق مدرسة،
وانقلبت الصحاري والمراعي الى منابع للنور والحكمة
وفنون العلم والمعارف، ثم انطلق المسلمون الى أصقاع الأرض
ينشرون هذا العلم بين الناس، ويبصرونهم سبل سعادتهم،
ويدلونهم على حقيقة إنسانيتهم، وأسرار خلقهم
ويبثون حضارة ما عرفت الإنسانية أعظم منها هدفا
ولا أنبل منها غاية ولا أرحم منها على بني الإنسان.
 
إنها رسالة الإسلام التي لخصها صاحبها
 
رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بقوله :

( إنما بعثت معلما، إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )
رواه أحمد والحاكم عن أبي هريرة.
 
هذا وليحصل طالب العلم على ثمرات عمله على الوجه المطلوبـ،،
وليبارك في جهوده، لا بد أن يطلب العلم متأدبا بآدابه
التي نقطف منها هذه اللآلئ، وننظمها لكل متعلم
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
آداب المتعلم مع العلم
 
1- التماس مجالس العلم، وانتقاء اليانع من ثمراتها،
والانتفاع بها على الوجه المطلوب.
 
2- الصدق في طلب العلم، وبذل الوقت والجهد في تحصيله،
والإعراض عن كل ما يشغل عنه من لغو أو بطالة أو اقتراف لمعصية
أو محرم. قال الشافعي رحمه الله:
 
شكوت الى وكيع سوء حفظي ***** فأرشدني الى ترك المعاصي
وأخبرنـي بــأن العـلـم نــور ***** ونــور الله لا يـهـدى iiلعـاصـي
 
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :
 
(إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل أي الناس أعلم؟
قال أنا، فعتب الله عليه إذ لم يردّ العلم إليه، فأوحى الله إليه
أن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك )
رواه الشيخان والترمذي.
 
وقد ذكر القرآن الكريم:
 
قال تعالى :
 
{ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ
أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (60) }
الكهف.
 
أي مجدا مجتهدا، ومسافرا راحلا في طلب من هو أعلم مني لأزداد علما
ولو استدام سفري عشرات السنين والأحقاب مسافرا في طلب العلم.
 
3- الإخلاص في طلب العلم، وإرادة وجه الله تعالى في تحصيله،
وامتثال أمر رسوله صلى الله عليه وسلم، والحذر من أن
يكون حظه من العلم طلب عرض من الدنيا قليل.
 
عن ابن عمر رضى الله عنهما عن
 
رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال :

( من تعلم علما لغير الله أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار )
رواه الترمذي.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق