الخميس، 7 نوفمبر 2013

آداب الصيام

 
الصيام ركن من أركان الإسلام، وهو عبادة قديمة
قدم الرسالات السماوية، لما فيه من فوائد روحية ونفسية وصحية،
ولما فيه من خير عميم، وفصل كريم، على الفرد والمجتمع..
وقد كتب الله سبحانه الصيام على الأمم السابقة، ثم بلغ به مرتبة الكمال
بفرضه على الأمم المحمدية سالكا بهم درجة الإرتقاء في منازل الإيمان
والتقوى..
 
قال تعالى :
 
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ
 كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) }
البقرة.
 
وقد ارتبطت فرضية الصيام بزمن معين وهو شهر رمضان المبارك،
وأبرز ما في شهر رمضان من أحداث خالدة تنزل القرآن الكريم،
 الدستور الإلهي الخالد، الهادي من الضلال، والعاصم من الإنحراف،
والمنجي من الزيغ، والنور التام في الظلمة، والسعادة الكاملة للبشرية
في هذه الدنيا ويوم القيامة، وتنزل القرآن الكريم في القلوب الواعية،
والأفهام الناضجة ونقله من الصحائف والسطور، الى العقول والصدور،
ثم الى الى الامتثال والسلوك، يحتاج الى تدريب وتأهيل،
والصيام وسيلة من وسائل هذا التدريب والتأهيل.
 
قال تعالى :
 
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ
وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ (185) }
البقرة
 
وكل العبادات المفروضة عبارة عن عمل معيّن، وله ثواب معين،
إلا عبادة الصيام، فهي ليست بعمل وإنما هي ترك العمل،
ولذلك فقد اقترن ثوابه بالعطاء الإلهي المباشر.
 
قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :
 
( قال الله عز وجل في الحديث القدسي :
كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به،
والصيام جنة فإذا كان أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابّه أحد،
أو قاتله فليقل إني صائم، إني صائم، والذي نفس محمد بيده
لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك،
للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره،
إذا لقي ربه فرح بصومه )
متفق عليه من حديث أبي هريرة.
 
وإذا كان الصيام ترك لأعمال مباحة، وهي المفطرات،
 فالأولى ترك الأعمال المكروهة أو المحرمة كاللغو والرفث والهزل
والكذب والغيبة والنميمة والفطر الى المحرمات وسماع المعازف
والقينات وصرف الوقت في الملاهي والمنكرات.
 
قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :
 
( من لم يدع قول الزور، والعمل به،
فليس لله حاجة في أن يضع طعامه وشرابه )
رواه البخاري عن أبي هريرة.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الصيام رحلة
والصيام رحلة روحية مباركة، ومدرسة صحية مثلى،
تعين الجسم على التخلص من سمومه وفضلاته،
وتعلمه الحمية الصححية، والتوازن الغذائي الأفضل
الى جانب الفوائد الأخلاقية والروحية كالتعود على الصبر والاحتمال،
ومخالفة النفس، وكسر الشهوة، واحترام النظام، والتزام الجماعة،
والإحسان الى الفقراء، ومواساة المساكين، وتقدير النعمة،
والتخلص من البطر، وصفاء القلب، وتطهير الروح،
والانشغال بلذة العبادة، والتزود من ذكر الله تعالى
والاعتكاف وتلاوة القرآن الكريم..
 
إنه وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، دواء مزيد،
وشفاء أكيد، ووصفة نبوية ليس لها نظير.
 
قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :
 
( عليك بالصيام فإنه لا مثيل له )
رواه النسائي وابن حبان في صحيحه.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
وهذه جملة من آداب الصيام
 
1- إذا رأى المسلم هلال رمضان يدعو عند رؤيته بدعاء الرسول
صلى الله عليه وسلم
 
2- الاستعداد للصوم بتبيت النية.
 
عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه وارضاه قال: سمعت
 
رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول:
 
( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى )
متفق عليه.
 
2- نية فرض وتكون ليلا لكل يوم من رمضان والنذر والقضاء والكفارة
وأكملها أن ينوي صوم غد عن أداء فرض رمضان هذه السنة إيمانا
واحتسابا لوجه الله الكريم.
 
3- ابتغاء وجه الله تعالى والإخلاص له في الصوم،
وطلب مغفرته ورضوانه.
 
قال تعالى :
 
{ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء (5) }
البينة
 
وعن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه وارضاه عن
 
رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال:
 
( لا يصوم عبد في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه
 سبعين خريفا )
رواه الجماعة إلا أبا داود.
 
وعن أبي هريرة رضى الله عنه وارضاه  عن
 
رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال :
 
( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )
متفق عليه.
 
3- التقوي على الصوم بالقيام الى السحور.
 
وعن المقدام بن معديكرب، عن
 
رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال :
 
(عليكم بهذا السحور، فإنه هو الغذاء المبارك )
رواه النسائي بسند جيد.
 
وسبب البركة: أنه يقوي الصائم، وينشطه، ويهون عليه الصيام.
 
ويستحب تأخير السحور ليزود الصائم بالطاقة والحيوية والنشاط.
 
عن زيد بن ثابت رضى الله عنه وارضاه قال:
 
( تسحّرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا الى الصلاة،
 قلت: كم كان قدر ما بينهما؟
قال: خمسين آية )
رواه البخاري ومسلم.
 
 
5- اغتنام وقت السخر بالصلاة والذكر والدعاء وتلاوة القرآن.
 
قال تعالى :
 
{ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ
عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً (79) }
الإسراء.
 
6- تعجيل الإفطار عند التأكد من دخول الوقت،
ليستعيد الجسم نشاطه تقويا على القيام.
 
عن سهل بن سعد رضى الله عنه: أن
 
رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال :
 
( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطور )
متفق عليه.
 
7- الدعاء عند الإفطار بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
 
وعن ابن عمر رضى الله عنهما أن
 
النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
 
كان يقول عند فطره:
 
( اللهم إني لك صمت، وعلى رزقك أفطرت،ذهب الظمأ،
وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله )
رواه أبو داود والنسائي.
 
8- الإفطار على تمرات أو سائل حلو، أو على الماء عند فقدهما
ولا يكثر من ذلك، ثم يصلي المغرب، ثم يعود الى تناول الطعام بعد الصلاة.
 
قال أنس:
 
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :
 
( إذا قدّم العشاء فابدؤوا به قبل صلاة المغرب،
ولا تعجلوا عن عشائكم )
رواه البخاري ومسلم.
 
9- الاعتدال في الطعام والشراب، وتجنب البطنة والتخمة،
والإقلال من أصناف الأطعمة ما أمكن،
 لئلا يضيع على نفسه فائدة الصوم الصحية.
 
10- السواك قبل الإفطار وبعده وأثناء الصيام.
 
قال الترمذي: " لم ير الشافعي في السواك أول النهار وآخره بأسا
 وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتسوك وهو صائم "
 
11- الإستزادة من فعل الخيرات، وأداء العبادات، والإكثار من الإنفاق
والمبرات، فهو في رمضان أكثر تأكيدا وأعظم أدرا
وخاصة تلاوة القرآن ومدارسته.
 
عن إبن عباس رضى الله عنهما قال:
 
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس،
 وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل،
وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن
 فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخيرمن الروح المرسلة )
 رواه البخاري.
 
12- كف النفس عمّا يتنافى مع حقيقة الصيام من المحارم والآثام
وإطلاق الجوارح في المعاصي والذنوب كالغيبة والنميمة والكذب والغش
والفحش وسوء الخلق والاضرار بالناس والنظر الى المحرمات.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق