الثلاثاء، 17 ديسمبر 2013

هل يمكن للمرأة أن تقرأ القرآن أثناء فترة الحيض أو الدورة الشهرية

الحمد لله هذه المسألة مما اختلف فيه أهل العلم رحمهم الله :
فجمهور الفقهاء على حرمة قراءة الحائض للقرآن حال الحيض حتى تطهر ،
ولا يستثنى من ذلك إلا ما كان على سبيل الذّكر والدّعاء ولم يقصد به التلاوة
كقول :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، إنا لله وإنا إليه راجعون ،
ربنا آتنا في الدنيا حسنة … الخ مما ورد في القرآن وهو من عموم الذكر .
واستدلوا على المنع بأمور منها :
 
1- أنها في حكم الجنب بجامع أن كلاً منها عليه الغسل ،
 وقد ثبت من حديث علي بن أبي طالب رضي الله :
 
( كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لا يحجزُه شيءٌ عن القرآنِ إلا الجنابةُ )
 رواه أبو داود (1/281) والترمذي (146) والنسائي (1/144)
وابن ماجه (1/207) وأحمد (1/84) ابن خزيمة (1/104)
قال الترمذي : حديث حسن صحيح ،
وقال الحافظ ابن حجر :
 
[ والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة ]
 
2-  ما روي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما:
 أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال :
 
 ( لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن )
رواه الترمذي (131) وابن ماجه (595) والدارقطني (1/117)
 والبيهقي (1/89)
وهو حديث ضعيف لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين  
 وروايته عنهم ضعيفة ،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (21/460) :
وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث أ.هـ .
 وينظر : نصب الراية 1/195 والتلخيص الحبير 1/183 .
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز قراءة الحائض للقرآن وهو مذهب مالك ،
ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشوكاني استدلوا
على ذلك بأمور منها :
 
1- أن الأصل الجواز والحل حتى يقوم دليل على المنع وليس هناك دليل يمنع
من قراءة الحائض للقرآن ،
 قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
 
[ ليس في منع الحائض من القراءة نصوص صريحة صحيحة ،
 وقال : ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن ينههن عن قراءة القرآن ،
 كما لم يكن ينههن عن الذكر والدعاء . ]
 
2- أن الله تعالى أمر بتلاوة القرآن ، وأثنى على تاليه ووعده بجزيل الثواب
وعظيم الجزاء فلا يمنع من ذلك إلا من ثبت في حقه الدليل وليس هناك
ما يمنع الحائض من القراءة كما تقدم .
 
3- أن قياس الحائض على الجنب في المنع من قراءة القرآن قياس
 مع الفارق لأن الجنب باختياره أن يزيل هذا المانع بالغسل بخلاف الحائض ،
وكذلك فإن الحيض قد تطول مدته غالباً ، بخلاف الجنب فإنه مأمور
بالإغتسال عند حضور وقت الصلاة .
 
4- أن في منع الحائض من القراءة تفويتاً للأجر عليها وربما تعرضت
لنسيان شيء من القرآن أو احتاجت إلى القراءة حال التعليم أو التعلم . 
فتبين مما سبق قوة أدلة قول من ذهب إلى جواز قراءة الحائض للقرآن ،
وإن احتاطت المرأة واقتصرت على القراءة عند خوف نسيانه فقد أخذت بالأحوط .
 
ومما يجدر التنبيه عليه أن ما تقدم في هذه المسألة يختص بقراءة الحائض
للقرآن عن ظهر قلب ، أما القراءة من المصحف فلها حكم آخر حيث
أن الراجح من قولي أهل العلم تحريم مس المصحف للمُحدث لعموم
 قوله تعالى :
 
{ لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ }
 
 ولما جاء في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم
 إلى أهل اليمن وفيه :
 
 ( ألا يمس القرآن إلا طاهر )
 رواه مالك 1/199 والنسائي 8/57 وابن حبان 793 والبيهقي 1/87
قال الحافظ ابن حجر : وقد صحح الحديث جماعة من الأئمة من حيث الشهرة
 وقال الشافعي : ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
 وقال ابن عبدالبر : هذا كتاب مشهور عند أهل السير معروف عند أهل العلم
معرفة يستغني بشهرتها عن الإسناد لأنه أشبه  المتواتر لتلقي الناس
 له بالقبول والمعرفة .أ.هـ
وقال الشيخ الألباني عنه : صحيح .التلخيص الحبير 4/17
 
ولذلك فإذا أرادت الحائض أن تقرأ في المصحف فإنها تمسكه بشيء منفصل
عنه كخرقة طاهرة أو تلبس قفازا ، أو تقلب أوراق المصحف بعود أو قلم
ونحو ذلك ، وجلدة المصحف المخيطة أو الملتصقة به لها حكم المصحف
 في المسّ ، والله تعالى أعلم .
 
الشيخ محمد صالح المنجد
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق