الاثنين، 3 مارس 2014

أسباب العِزَّة الشَّرعيَّة


1- الاعتقاد الجازم والإيمان اليقينيُّ بأنَّ الله تعالى هو العزيز
الذي لا يَغْلِبه شيء، وأنَّه هو مصدر العِزَّة وواهبها.
قال تعالى:
 
{ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ
وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
[ آل عمران: 26 ]
 فلا نصر إلَّا به، ولا استئناس إلَّا معه، ولا نجاح إلَّا بتوفيقه.
قال ابن القيِّم:
 
[ العِزَّة والعُلُوُّ إنَّما هما لأهل الإيمان الذي بعث الله به رسله،
وأنزل به كتبه، وهو عِلمٌ وعملٌ وحالٌ،
قال تعالى:
 
{ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }
[ آل عمران: 139 ]
 فللعبد من العُلُوِّ بحسب ما معه من الإيمان
 وقال تعالى:
 
{ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ }
[ المنافقون: 8 ]
فله من العِزَّة بحسب ما معه من الإيمان وحقائقه،
فإذا فاته حظٌّ من العُلُوِّ والعِزَّة، ففي مُقَابَلة ما فاته من حقائق الإيمان،
علمًا وعملًا، ظاهرًا وباطنًا ]
وهنا يُقْبِل مُريد العِزَّة على طاعة الله -تبارك وتعالى- فبمقدار طاعته له،
تكون العِزَّة والشَّرَف والسُّؤدد، والعكس..
قال تعالى:
 
{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا }
[ فاطر: 10 ] 

 قال طنطاوي:
[ والمعنى: من كان من النَّاس يريد العِزَّة التي لا ذِلَّة معها.
فليطع الله، وليعتمد عليه وحده، فللَّه- تعالى- العِزَّة كلُّها في الدُّنْيا والآخرة،
وليس لغيره منها شيء... قال القرطبي ما ملخَّصه:
يريد -سبحانه- في هذه الآية، أن ينبِّه ذوي الأقدار والهمم، من أين تُنَال العِزَّة،
ومن أين تُسْتَحق، فمَنْ طلب العِزَّة من الله- تعالى- وجدها عنده - إن شاء الله-،
غير ممنوعة ولا محجوبة عنه.. ومن طلبها من غيره،
 وَكَلَه إلى من طلبها عنده... ولقد أحسن القائل.
وإذا تذلَّــلَتِ الــرِّقاب تواضعًا     منَّا إليك فعزُّها في ذلِّها ]
 
وقال قتادة:
 [ من كان يريد العِزَّة، فليتعزَّز بطاعة الله تعالى ]
وكما أنَّ الطَّاعة تكسو الإنسان ثوب العِزَّة، وتَخْلَع عليه ثياب الكرامة،
 فإنَّ المعصية تكسوه ثياب الذُّلِّ، وتَخْلَع عليه المهَانة والانكسار،
والمعاصي تَسْلُب صاحبها أسماء المدح والشَّرَف والعِزَّة،
وتكسوه أسماء الذُّل والذَّمِّ والصَّغار، وشتَّان ما بين الأمرين:
 
{ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ }
[ السجدة: 18 ]
 
2- صدق الانتماء لهذا الدِّين، والشُّعور بالفَخْر للانتساب له،
والاعْتِزَاز به، حتى ولو كان ذلك في زمن الاستضعاف،
واستقواء أعداء المسلمين
يقول تعالى:
 
{ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }
[ آل عمران: 139 ]
 ويقول النَّبي صلى الله عليه وسلم:
 
( ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ اللَّيل والنَّهار،
ولا يترك الله بيت مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلَّا أدخله الله هذا الدِّين،
 بعِزِّ عزيزٍ، أو بذُلِّ ذليلٍ،
عزًّا يُعِزُّ الله به الإسلام، وذُلًّا يُذِلُّ الله به الكفر )
 
3- متابعة الرَّسول صلى الله عليه وسلم في هديه، وطاعته في أمره،
ولزوم سنَّته، فإنَّه بقدر ذلك تكون عِزَّة العبد في الدُّنْيا، وفلاحه في الآخرة،
 ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث
 الذي رواه عبد الله ابن عمرو أنَّه قال:
 
( بُعِثْت بالسَّيف بين يدي السَّاعة، وجُعِل رزقي تحت ظلِّ رمحي،
وجُعل الذُّل والصَّغار على من خالف أمري )
 
يقول ابن القيِّم:
[ والمقصود أن بحسب متابعة الرَّسول تكون العِزَّة والكِفَاية والنُّصْرَة،
كما أن بحسب متابعته تكون الهداية والفلاح والنَّجاة،
فالله - سبحانه - علَّق سعادة الدَّارين بمتابعته،
وجعل شقاوة الدَّارين في مخالفته، فلأتباعه الهدى والأمن والفلاح
والعِزَّة والكِفَاية والنُّصْرَة والولاية والتَّأييد وطيب العيش في الدُّنْيا والآخرة،
ولمخالفيه الذِّلَّة والصَّغار والخوف والضَّلال والخذلان
 والشَّقاء في الدُّنْيا والآخرة ]
 
4 - اليقين بأنَّ دين الله قد كُتِب له العُلُوُّ والتَّمكين في الأرض،
وأنَّ دولة الكافرين وعزَّتهم سائرة إلى زوال؛ لأنَّها بُنيت على باطل وسراب،
فبهذا الاعتقاد يتولَّد عند المؤمن شعور بالعِزَّة، وإحساس بالشَّرَف والعُلُوِّ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق