الخميس، 6 مارس 2014

نماذج في العِزَّة عند التَّابعين

طاووس:  
قدم هشام بن عبد الملك حاجًّا إلى مكَّة، فلما دخلها،
قال: ائتوني برجل من الصَّحابة
فقيل: يا أمير المؤمنين، قد تفانوا
 قال: فمن التَّابعين،
فأتوه بطاووس اليماني فلما دخل عليه، خلع نعليه بحاشية بساطه،
ولم يسلِّم بإمرة أمير المؤمنين،
ولكن قال: السَّلام عليك،
ولم يُكَنِّه، ولكن جلس بإزائه.
قال: كيف أنت يا هشام؟
فغضب هشام غضبًا شديدًا، حتى همَّ بقتله.
فقيل له: أنت في حرم الله ورسوله، فلا يمكن ذلك
 فقيل له: يا طاووس، ما الذي حملك على ما صنعت؟
 قال: وما الذي صنعت؟!
 فازداد هشام غضبًا،
وقال: لقد خلعت نعليك بحاشية بساطي، ولم تقبِّل يدي،
ولم تسلِّم بإمرة أمير المؤمنين، ولم تكنِّني، وجلست بإزائي بغير إذني.
وقلت: كيف أنت يا هشام؟
فقال: أمَّا ما خلعت نعلي بحاشية بساطك،
فإنِّي أخلعهما بين يدي رب العِزَّة كلَّ يوم خمس مرَّات، فلا يعاتبني،
ولا يغضب علي. وأما قولك: لم تقبِّل يدي.
فإنِّي سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول:
لا يحلُّ لرجل أن يقبِّل يد أحد، إلَّا امرأته من شهوة أو ولده برحمة
 وأما قولك: لم تسلِّم بإمرة أمير المؤمنين. فليس كلُّ النَّاس راضين بإمرتك،
فكرهت أن أَكْذب.
وأما قولك: جلست بإزائي؛ فإنِّي سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول:
إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النَّار، فانظر إلى رجل جالس
وحوله ناس قيام
وأما قولك: لم تكنِّني. فإنَّ الله عزَّ وجلَّ سمَّى أولياءه،
وقال يا داود، يا يحيى، يا عيسى، وكنَّى أعداءه فقال:
 
{ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ }
 فقال هشام: عِظْني.
فقال: سمعت أمير المؤمنين عليًّا رضي الله عنه يقول:
إنَّ في جهنَّم حيَّات كأمثال القِلَال، وعقارب كالبغال
تلدغ كلَّ أمير لا يعدل في رعيَّته .
 ثمَّ قام وذهب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق