الخميس، 27 نوفمبر 2014

الفرق بين الزوجة و المرأة في القرآن الكريم


تعالوا وتعرفوا على البلاغة في القرآن،
والدقة في التعبير والبيان،
ثم قولوا : سبحانك ياعظيم يامنان..
متى تكون المرأة زوجًا ومتى لا تكون ؟
عند استقراء الآيات القرآنية التي جاء فيها اللفظين نلحظ أن لفظ
" زوج " يُطلق على المرأة إذا كانت الزوجية تامّة بينها وبين زوجها
وكان التوافق والإقتران والإنسجام تامًّا بينهما بدون اختلاف ديني
أو نفسي أو جنسي .فإن لم يكن التوافق والإنسجام كاملًا ، ولم تكن
الزوجية متحقّقة بينهما ، فإن القرآن يطلق عليها " امرأة "
وليست زوجًا ، كأن يكون اختلاف ديني عقدي أو جنسي بينهما ..
ومن الأمثلة على ذلك :
قول الله تعالى:
{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا
وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }
وقول الله تعالى :
{ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ
وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا }
وبهذا الإعتبار جعل القرآن حواء زوجًا لآدم ،
في قول الله تعالى :
{ وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ }
وبهذا الإعتبار جعل القرآن نساء النبي
صلى الله عليه وسلم " أزواجًا " له ،
في قول الله تعالى :
{ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ }
فإذا لم يتحقّق الإنسجام والتشابه والتوافق بين الزوجين لمانع
من الموانع فإن القرآن يسمّي الأنثى" امرأة " وليس " زوجًا "
قال القرآن :
امرأة نوح ، وامرأة لوط ، ولم يقل : زوج نوح أو زوج لوط ،
وهذا في قول الله تعالى :
{ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ
كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا }
إنهما كافرتان ، مع أن كل واحدة منهما امرأة نبي ، ولكن كفرها لم يحقّق
الإنسجام والتوافق بينها وبين بعلها النبي . ولهذا ليست "زوجًا" له ،
وإنما هي " امرأة " .ولهذا الإعتبار قال القرآن :
امرأة فرعون في قول الله تعالى :
{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ }
. لأن بينها وبين فرعون مانع من الزوجية ، فهي مؤمنة وهو كافر ،
ولذلك لم يتحقّق الإنسجام بينهما ، فهي " امرأته " وليست "زوجه" .
ومن روائع التعبير القرآني العظيم في التفريق بين " زوج "
و " امرأة " ما جرى في إخبار القرآن عن دعاء زكريا ،
عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ، أن يرزقه ولدًا يرثه . فقد كانت
امرأته عاقر لا تنجب ، وطمع هو في آية من الله تعالى ، فاستجاب الله له
وجعل امرأته قادرة على الحمل والولادة .عندما كانت امرأته عاقرًا أطلق
عليها القرآن كلمة " امرأة " ،
قال الله تعالى على لسان زكريا :
{ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا }
وعندما أخبره الله تعالى أنه استجاب دعاءه ، وأنه سيرزقه بغلام ،
أعاد الكلام عن عقم امرأته ، فكيف تلد وهي عاقر
قال الله تعالى :
{ قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ
قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء }
وحكمة إطلاق كلمة " امرأة " على زوج زكريا عليه السلام أن الزوجية
بينهما لم تتحقّق في أتمّ صورها وحالاتها ، رغم أنه نبي ، ورغم أن
امرأته كانت مؤمنة ، وكانا على وفاق تامّ من الناحية الدينية الإيمانية .
ولكن عدم التوافق والإنسجام التامّ بينهما ، كان في عدم إنجاب امرأته ،
والهدف" النسلي " من الزواج هو النسل والذرية ، فإذا وُجد مانع حيوي
عند أحد الزوجين يمنعه من الإنجاب ، فإن الزوجية لم تتحقّق بصورة
تامّة .ولأن امرأة زكريا عليه السلام عاقر ، فإن الزوجية بينهما لم تتمّ
بصورة متكاملة ، ولذلك أطلق عليها القرآن كلمة " امرأة " .
وبعدما زال المانع من الحمل ، وأصلحها الله تعالى ، وولدت لزكريا ابنه
يحيى ، فإن القرآن لم يطلق عليها " امرأة " ، وإنما أطلق عليها كلمة
" زوج " ، لأن الزوجية تحقّقت بينهما على أتمّ صورة .
قال الله تعالى :
{ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ *
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ }
والخلاصة أن :
امرأة زكريا عليه السلام قبل ولادتها يحيى هي " امرأة " زكريا
في القرآن ، لكنها بعد ولادتها يحيى هي "زوج" وليست مجرّد امرأته
.وبهذا عرفنا الفرق الدقيق بين"زوج" و"امرأة" في التعبير القرآني
العظيم ، وأنهما ليسا مترادفين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق