الجمعة، 28 نوفمبر 2014

مَنْ دَانَ نفسه

عن أبي يَعْلَى شداد بن أوس - رضي الله عنه-
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
 
( الكيِّسُ من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت،
والعاجز من اتبع نفسه هواها، وتمنَّى على الله )
رواه الترمذي وقال حديث حسن.
 
 في هذا الحديث:
 
 ((الكَيِّسُ)):
معناه الإنسان الحازم الذي يغتنمُ الفُرَصَ ويتَّخذ لنفسه الحيطة
حتى لا تفوت عليه الأيام والليالي فيضيع.
 
 ((مَنْ دَانَ نفسه))
أي: من حاسبها ونظر ماذا فعل من المأمورات وماذا ترك من المنهيّات:
هل قام بما أُمر به، وهل ترك ما نُهي عنه، فإذا رأى من نفسه تفريطًا في
الواجب استدركه إذا أمكن استدراكه،وقام به أو بدله، وإذا رأى من نفسه
انتهاكا لمحرَّم اقلع عنه وندم وتاب واستغفر.

((عَمِلَ لما بعدَ الموت))
يعني عمل للآخرة، لأن كل ما بعد الموت فإنه من الآخرة،
وهذا هو الحق والحزم، أن الإنسان يعمل لما بعد الموت،
لأنه في هذه الدنيا مارٌّ بها مرورا، والمآل هو ما بعد الموت،
فإذا فرَّط ومضت عليه الأيام وأضاعها في غير ما ينفعه في الآخرة
فليس بكيِّس،الكيِّسُ هو الذي يعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبَعَ
 نفسه هواها وصار لا يهتم إلا بأمور الدنيا، فيتبع نفسه هواها
 في التفريط في الأوامر،

ويتبع نفسه هواها في فعل النواهي،
ثم يتمنَّى على الله الأماني فيقول:
الله غفور رحيم، وسوف أتوب إلى الله في المستقبل، وسوف أُصلِحُ من
حالي إذا كبرت، وما أشبهه من الأماني الكاذبة التي يُمليها الشيطان عليه،
فربما يدركها وربما لا يدركها. ففي هذا الحديث: الحث على انتهازِ
الفرص، وعلى أن لا يضيِّع الإنسان من وقته فرصةإلا فيما يرضي الله-
عز وجل -وأن يَدَع الكسل والتهاون والتمني،فإن التمني لا يفيد شيئا،
 
 كما قال الحسن البصري رحمه الله:
ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلِّي،
ولكن الإيمان ما وَقَر في القلب وصدَّقتْهُ الأعمال

فعلينا أيها الإخوة أن ننتهز الفرصة في كل ما يقرِّب إلى الله من فعل
الأوامر و اجتناب النواهي، حتى إذا قَدِمنا على الله كنا على أكمل
 ما يكون من حال.

 نسأل الله أن يُعيننا وإياكم
على ذكره وشكره وحسن عبادته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق