الثلاثاء، 3 يناير 2017

ما السر في هذا ؟


ما السر في أن المؤمن عنده أمل والكافر يائس قانط ؟
السر أن المؤمن يؤمن بأن هناك إلهًا رحيمًا قديرًا يجيب المضطر
إذا دعاه، ويكشف السوء، ويمنح الجزيل، ويغفر الذنوب، ويقبل التوبة،
ويعفو عن السيئات، أرحم من الوالدة بولدها، وأبر بخلقه من أنفسهم
يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء
الليل، يفرح بتوبة عبده أشد من فرحة الحائر إذا وجد ضالته، والغائب
إذا وفد، والظمآن إذا ورد , إله يجزي الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة
ضعف ويزيد، ويجزي السيئة بمثلها أو يعفو، إليه يدعو المعرض عنه
من قريب، ويتلقى المقبل عليه من بعيد، ويقول :
 
( أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني؛
وإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته
في ملأ خير منهم، وإن تقرب إليَّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا،
 وإن تقرب إليَّ ذراعًا تقربت إليه باعًا،
وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ) .
 
إله يداول الأيام بين الناس، فيبدل من بعد الخوف أمنا ومن بعد الضعف
قوة، ويجعل من كل ضيق فرجًا، ومن كل هم مخرجًا.. ومع كل عسر
يسرًا، فلذلك يأمل المؤمن فيه، هذا مبعث الأمل
 
 وهذا هو السر :
 الاعتصام بالإله البر الرؤوف الرحيم العزيز الكريم الفعال لما يريد، يعيش
المؤمن على أمل لا حد له، ورجاء لا تنفصم عراه، إنه دائمًا متفائل،
ينظر إلى الحياة بوجه غير الذي ينظر إليها الكافر، لا ينظر إلى الحياة
بوجه عبوس قمطرير، فهو إذا حارب فهو واثق بالله أنه سينصره؛
 لأنه مع الله والله معه
 
 { إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ }
 [الصافات:172-173] .
 
إذا مرض لم ينقطع أمله أبدًا من العافية :
 
{ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ *
 وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ }
 [الشعراء:78-80].
 
إذا اقترف ذنبا أو جرما فإنه لا ييأس من المغفرة، ومهما كان الذنب
عظيما فإن عفو الله أعظم
 
 { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }
 [الزمر:53] .
 
والمؤمن إذا أعسر وضاقت ذات يده أمل في الله, ولا يزال إيمانه فيه
عظيمًا لقوله تعالى :
 
{ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا }
 [الشرح:5-6]
 
ولن يغلب عسر يسرين ولو دخل العسر جحرًا لدخل اليسر عليه
حتى يخرجه .
 
والمؤمن إذا انتابته كارثة من كوارث الزمن ووقعت به المصيبة؛
 فإن أمله في الله مازال موجودًا، كيف يكون موجودًا والولد قد مات ؟
كيف يكون موجودًا والبيت قد احترق، والمال قد ذهب ؟
 نعم إنه موجود في رجاء الأجر على احتساب المصيبة بالصبر
 
{ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }
 [البقرة:156] .
 
هذا هو السر في عدم يأس المؤمن؛ لأن أمله موصول بخالقه

 ومن كان كذلك فقد فاز وأفلح وطرد اليأس من قاموس حياته ! .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق