السبت، 9 سبتمبر 2017

هذه وصيتي لك


عن يونس بن عبد الأعلى قال :

قال لي الشافعي ذات يوم : يا يونس ، إذا بلغت عن صديق لك ما تكرهه ،

فإياك أن تبادر بالعداوة ، وقطع الولاية ، فتكون ممن أزال يقينه بشك ؛

ولكن القه ، وقل له : بلغني عنك كذا و كذا ، وأجدر أن تسمي المبلغ ؛

فإن أنكر ذلك ، فقل له : أنت أصدق ،

وأبر ؛ ولا تزيدن على ذلك شيئا ؛ وإن اعترف بذلك ،

فرأيت له في ذلك وجها بعذر ، فاقبل منه ؛ وإن لم يرد ذلك ،

فقل له : ماذا أردت بما بلغني عنك ؟

فإن ذكر ما له وجه من العذر ، فاقبله ؛ وإن لم يذكر لذلك وجها لعذر ،

وضاق عليك المسلك ، فحينئذ أثبتها عليه سيئة أتاها ؛

ثم أنت في ذلك بالخيار : إن شئت كافأته بمثله من غير زيادة ،

وإن شئت عفوت عنه ؛ والعفو أبلغ للتقوى ، وأبلغ في الكرم ،

لقوله الله تعالى :

{ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ } .

فإن نازعتك نفسك بالمكافأة ، فاذكر فيما سبق له لديك ،

ولا تبخس باقي إحسانه السالف بهذه السيئة ، فإن ذلك : الظلم بعينه ؛

وقد كان الرجل الصالح يقول : رحم الله من كافأني على إساءتي ،

من غير أن يزيد ، ولا يبخس حقا لي ؛

يا يونس : إذا كان لك صديق ، فشد يديك به ،

فإن اتخاذ الصديق صعب ، ومفارقته سهل ؛

وقد كان الرجل الصالح يشبه سهولة مفارقة الصديق :

بصبي يطرح في البئر حجرا عظيما ، فيسهل طرحه عليه ،

ويصعب إخراجه على الرجال البرك ؛ فهذه وصيتي لك ، والسلام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق