الأربعاء، 29 أغسطس 2018

ظاهرة الحبوب المنشطة .. إلى أين؟


د. ياسر بكار

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:


طُرِح عليَّ سؤال، ولم أجد أي إجابة له في أثناء البحث الذي أقوم به،

ولجأت إليكم طالبًا المساعدة، والغرض منه هو إفادة الشباب لكي

لا يقعوا في أخطاء، وإليكم نص السؤال الذي طرح:


لقد انتهت فترة الاختبارات في المدارس والجامعات، وهناك ظاهرة

انتشرت بكثرة في فترة الامتحانات - وخاصة في السنوات الأخيرة –

وهي ظاهرة تناول الحبوب المُنَشِّطَة.


فهل تستطيع أن توضح للسادة زوار الموقع ما الحبوب المُنَشِّطَة؟

وما سلبياتها وإيجابياتها؟ أرجو أن أجد الجواب الشافي والمختصر لديكم.


لكم مني أطيب التحية والسلام.

الجواب

أخي الكريم، مرحبًا بك في شبكة (الألوكة)، وأهلاً وسهلاً.


أشكرك على الإشارة إلى هذا الموضوع، الذي انشغلنا عن التنبيه

إليه في وقت الاختبارات، ومع ذلك فأظن أنك لمستَ موضوعًا

في غاية الأهمية.


الحبوب المُنَشِّطَة أو ما يُطلق عليه بلغة الشارع (الأبيض)، أو (الكابتجون)،

وما نسميه نحن في الطب بـ (amphetamines)، هي إحدى أنواع

المخدرات التي تمنح متعاطيها اليقظة والتَّنَبُّه، والقدرة على السهر،

مع شعور بالسعادة والارتياح.


ولكن - للأسف - لا تأتي هذه النتائج المُغرية دون ضريبة غالية؛

فالحبوب تتدخل في التركيب الكيميائي للدماغ، وقد تُسَبِّبُ اضطرابات

دماغية ونفسيَّة حادَّة ومُزْمِنة.


فأضرار تلك الحبوب على المدى القريب.

تُسَبِّب هذه الحبوب الأعراض التالية:

• القلق والعصبية والحساسية الزائدة.

• تسارع ضربات القلب وارتفاع الضغط.

• قلة الشهية مع انخفاض الوزن.

• أفكار شكَّاكة بالآخرين (بأنهم يراقبون المُتَعَاطِي ويتجسسون عليه).

• القيام بتصرفات غير محسوبة كالعدوانية أو الاندفاع مما يكون ثمنه غاليًا.

• زيادة في الحركة، أو الجلوس بهدوء مُبالَغ فيه.

• وقد يَتَطوَّر الأمر إلى توقُّف عمل القلب، والسكتة الدماغية وحدوث تشنُّجات

وتشوش الوعي، بحيث يفقد القدرة على التَّعَرُّف على

المكان والزمان, وتوقف التنفس والإغماء.

المُشكِلة الأساسية في التعاطي - إضافة إلى ما سبق - هي أن هذه الحبوب

رخيصة الثمن، ومتوفّرة بكيفية كبيرة، وتُصنَع في سِريَّة تامَّة ودون رقابة،

وقد لاحظ المُخْتَصُّون ظُهُور أَعْرَاضٍ لأذية دائمة للدِّماغ لدى المُتَعاطين،

وهو أمر غير مُعتاد، وبعد الدراسات المُكَثَّفَة تَبَيَّن أَنَّ هُناك مَوَاد ضَارَّة للغاية،

يتم خلطها مع الحبوب؛ لزيادة مفعولِهَا، كمادة (الإفدرين)،

مما يُسبِّب أذية دائمة للدماغ.


وأضرارها على المدى البعيد:

• (التحمل) أي الحاجة إلى زيادة الكمية المتعاطاة، للوصول إلى النتائج

المرغوبة، ومن ثم المزيد من الأضرار على الدماغ.

• أعراض مشابهة للفِصام (أو ما يعرف بين العامة بالجنون)؛

حيث تظهر على المريض الضلالات - أي الإيمان الثابت بمعتقدات

غير صحيحة، كأن الناس يراقبونه ويتسببون في أذيته -

والهلاوس السمعية والبصرية وغير ذلك.

وقد رأينا - خلال عملنا - الكثير من الشباب الذين أغواهم أصدقاء

السوء بتناول حبة من الحبوب المنشطة، وانتهوا إلى الجنون،

والحاجة إلى الإقامة الدائمة في المستشفيات النفسية.

• ما تسببه من أعراض الاكتئاب عند التوقف عن تناولها، مع ما يصاحبه

من أفكار انتحارية، واضطراب في النوم.


نصائح مُهمة:

• الخطوة الأولى في طريق الإدمان تبدأ بمصاحبة أصدقاء السوء، وعادة

ما يبدأ الإدمان عبر تجربة مثل هذه الحبوب في الاختبارات، أو مع السفر الطويل،

أو وضعه في الشاي للشخص المراد إغوائه.

• مع السعادة التي تمنحها الحبوب يسعى الشخص إلى تجربتها ثانية

وثالثة ومن ثم الإدمان عليها والحاجة إلى زيادة الكمية لبلوغ الحالة المطلوبة

وهذا بالطبع يترافق مع الأعراض سابقة الذكر.

• يقود الإدمان على مثل هذه الحبوب إلى تجربة غيرها، لمعاكسة مفعولها

أو تعزيزه، وهذه هي البوابة الذهبية للإدمان على الخمر والهروين والكوكائين.

• الإدمان هو أسلوب حياة قائم على السعي إلى نيل السعادة من مصادر

خارجية مهما كان الثمن، وطريقة الحياة هذه خطيرة، وتقود إلى العديد

من المشكلات.


إن الحياة الصحيحة هي الحياة التي تمنحنا السعادة من الداخل، عبر

الإيمان بالله وصدق التوكل عليه، وعبر العديد من الإنجازات التي

نحققها ونفتخر بها، وعبر المساهمة في حياة الآخرين بطريقة إيجابية.


هذه أفكار عامَّة عن هذه الحبوب المُنَشِّطة، التي تقود متعاطيها بسهولة

إلى الأمراض النفسية والدماغية، وتُدَمِّر حياة المدمن عليها.


أشكرك أخي على إثارة هذا الموضوع المهم، وتَقَبَّل تحيات شبكة (الألوكة).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق