الأحد، 7 يوليو 2019

لا أستطيع رؤية ابني


لا أستطيع رؤية ابني

د. صغير بن محمد الصغير

السؤال

♦ الملخص:

زوج خلَعتْه زوجتُه دون رضاه أو رضاها، بعد مشاجرة مع والدها،

وقد منعوه من رؤية ابنه حتى في الأماكن العامة؛ مما جعَله يدخل في حالة

مرضٍ وشرودٍ، ويَسأل عن حلٍّ.

♦ التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا رجل طلَّقتُ زوجتي - خُلعًا - منذ 5 سنوات، دون رضاي

أو رضاها، وبلا سببٍ شرعي، والسبب هو أني تشاجرتُ مع والد

زوجتي الذي خالف الشرع والعرف في التعامل معي، وقد أقرَّت

زوجتي برغبتها في الرجوع إليَّ أمام القاضي، لكن والدها رفض،

والقانون عندنا وضعي، وقد حكَم بالخلع بلا سببٍ،

وكانت زوجتي بلا شخصية، ولا زاد لها من العلم الشرعي.

افترقنا وأخذتْ ابني وعمرُه 10 أيام، وحرموني منه، وقد حاولتُ

الإصلاح بكل الطرق الممكنة وبطلب من طليقتي، عن طريق جماعة الصلح:

الإمام والجيران، لكن كان والدها يرفض دائمًا، ولم أتمكَّن من

رؤية ابني إلا 6 مرات في السنوات الخمس الماضية.

رفضتْ زوجتي - بإيعاز من والدها - أن تُريني صورةً لطفلي،

أو أن تخرج به معي في مكان عام، أو في مسجد، أو جمعية،

أو أي مكان تراه مناسبًا؛ كل ذلك لإرغامي على الذهاب إلى بيت

والدها لرؤية الطفل، ومِن ثَمَّ إذلالي مِن قِبَل والدها! علمًا بأني أدفع

إيجار بيتٍ لابني حسب الحُكم، دون أن تستأجر بيتًا له،

فهي تعيش عند والدها، وأدفع نفقتَه شهريًّا دون انقطاع!

أنا خائفٌ من الله بسبب عدم زيارة ابني، ولم أتزوَّج مرة ثانية،

وأصبحتُ مريضًا، وأصبحتُ أبكي عليه كثيرًا، أفكر فيه ليلَ نهارَ،

وذهبتْ ثقتي في كل شيء، أصبحتُ منعزلًا ودائمَ الشرود،

ولا أملِك ما أفعله، فأنا عاجز وفقير، أريد أن أعرِف حُكم الشرع

في ذلك، ماذا أفعل كي أرتاح من هذا العذاب؟ لست بعيدًا عن ديني،

ولكن قواي خارت، فقد فقدتُ ابني الذي اعتبره كلَّ حياتي.


الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:

أخي الكريم، في البداية أسأل الله أن يفرِّج همَّك، ويُنفس كربَك،

ويجمع شملك ويكتُب لك الخير، ثم أُوصيك ونفسي

بتقوى الله عز وجل؛ حيث قال الله جل وعلا:

{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }

[الطلاق: 2، 3]،

ولَمَّا كنتَ وقَّافًا عند حدود الله، أُذكرك بما يلي:

أولًا: ينبغي عليك التوكل على الله وحده، بمعنى أن

تفوِّض أمورك كلها لله تعالى؛ قال الله تعالى:

{ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ }
[الطلاق: 3]،

ثم عليك أن تتفاءل وتنظُر للمستقبل نظرة مشرقة، فقد كان

صلى الله عليه وسلم يُعجبه الفأل ويكره التشاؤمَ.

واعلَم حفِظك الله أن الله تعالى أرحم بابنك منك ومن والدته،

فاستودِعْه إياه، واعلَم أن الله تعالى أرحم بك من والدتك أيضًا،

فلا تَجلد ذاتك، وتشغل نفسك بأمور لا تُطيقها.

ثانيًا: ألِحَّ على الله تعالى في الدعاء؛

فالله تعالى لن يخيب دعاءك: وقد قال تعالى:

{ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ }

[غافر: 60]،

وأكثِر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها تفتح المغاليق،

وتُعين على حمل الهموم وتجاوُزها بإذن الله؛ قال ابن القيم رحمه الله:

وسمعتُ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يذكر أثرًا في هذا الباب،

وهو أن الملائكة لَمَّا أُمروا بحمل العرش، قالوا: يا ربنا كيف نحمل عرشَك،

وعليه عظمتك وجلالك؟ فقال: قولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،

فلما قالوها حملوه ؛ (الوابل الصيب، ص186-187).

وابتعِد عن سوء الظن بالآخرين وكِل أعمالَهم إلى الله تعالى.

ثالثاً: حاول أن تُدخل أحد الحكماء القريبين من الأسرتين لتقريب

وجهات النظر، وتلتقي بابنك بطريقة سلسة ومريحة للطرفين،

فإن لم تستطع فمثل هذه المسائل يفصل فيها القضاء،

ولا أعرف طبيعة القضاء في بلدكم، لكني أعلم أن أهل العلم يُجيزون

اللجوء إلى القضاء الذي يحكم بالقانون الوضعي إذا اضطُر المسلم

إليه ولم يوجد القضاء الشرعي، ولم يستطع أن يحصل

على حقه إلا به من غير أن يظلم أحدًا؛

(راجع: فتاوى اللجنة الدائمة 23/ 502).

رابعًا: أنصحك أيضًا بأن تراجع مستشارًا نفسيًّا لديه علمٌ بالشريعة،

قريب منكم في بلدكم؛ ليسمع منك، ويُعينك بعد الله تعالى،

وتَستأنس برأيه، لكونه أعلمَ بأعرافكم وطبيعة قوانينكم.

وفَّق الله الجميع لكل خيرٍ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

منقول للفائدة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق