الخميس، 7 مايو 2020

علاج خواطر الشيطان على العبد

علاج خواطر الشيطان على العبد


السؤال:
يقول: عباد الله! قضيت شبابي في طلب العلم في الجوامع والمدارس الدينية،
وأخذت من كل علم من العلوم الإسلامية والعربية بنصيب، ولكن المشكلة
التي أواجهها والتي تقظ مضجعي وتعكر صفو حياتي، وتجعلني أشعر بالقلق
والخوف أن أوهاماً ووساوس وخواطر تسيطر علي، منها ما تكون كفراً
ولكني لم أتفوه بها، وحاولت جهد الإمكان أن أعالجها بكثرة الذكر واللجوء
إلى الله والتضرع إليه تعالى أن ينقذني من هذه الخواطر دون جدوى، وإني
أشكو من قسوة شديدة في قلبي، ومن ضجر وملل وكسل في أداء الفرائض،
إني أشعر وكأن قلبي صحراء قاحلة وظلام دامس وجميع آفات القلب
مسيطرة علي، من كبرياء ورياء وحقد وحب للمدح وبغض للذم.. إلى آخره،
يقول: فلا أدري، هل أنا مؤاخذ على هذه الخواطر، وكيف أستطيع معاجلة
نفسي الأمارة بالسوء، أرجو منكم مساعدتي وإرشادي إلى الصراط
المستقيم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله،
وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد: أيها السائل! ينبغي أن تعلم أن هذه الخواطر وهذه الأوهام وهذه
الأشياء التي تؤذيك كلها من الشيطان، كلها من عدو الله، لما رأى ما لديك
من الحرص على الخير وطلب العلم والاستفادة والاجتهاد أراد أن يشوش
عليك حياتك وينغصها عليك بهذه الأوهام وهذه الشكوك وهذه الأشياء التي
تقظ مضجعك، فينبغي لك أن تحاربها بذكر الله عز وجل والاستعداد للقائه
سبحانه وتعالى، وأن تعلم أنها من الشيطان، فينبغي تركها والحذر منها،
والإقبال على قراءة القرآن الكريم بالتدبر والتعقل، والإكثار من ذكر الله
سبحانه وتعالى، والاشتغال بما ينفعك من خير الدنيا والآخرة، يكون لك
مكسب.. يكون لك عمل يشغلك عن بعض هذه الوساوس، مع الإقبال على
الله، والاستكثار من تلاوة كتابه الكريم، والضراعة إليه أن يعافيك من شر
هذا العدو ومن أوهامه ومما يلقيه عليك من الوساوس، وربك جل وعلا جواد
كريم، هو القائل سبحانه:

{ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ }
[غافر:60]،
فاسأله جل وعلا واضرع إليه حتى يخلصك من هذه الوساوس، وهذه
الأوهام، وهذه المكائد التي يكيد بها عدو الله.

وقد وقع هذا للصحابة لأصحاب النبي ﷺ وشكوا إليه ﷺ هذا وقالوا:

( يا رسول الله! إن أحدنا يجد فيي نفسه ما لا أن يخر من السماء أحب إليه
من أن ينطق به، فقال عليه الصلاة والسلام: هي الوسوسة )

وفي لفظ:

( الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة )

وفي لفظ:

( ذاك صريح الإيمان )

يعني: محض الإيمان وخالصه، يعني: ما يقع في القلوب من كراهة هذا
الشيء وإنكاره واستعظامه، هذا من الإيمان ومن صريح الإيمان.

فاحمد ربك، فقد أصابك ما أصاب غيرك من الأخيار الأولين، فجاهد نفسك
في هذا الأمر وأبشر بالخير والعافية، ومتى صدقت مع الله كفاك الله شر هذه
الوساوس، وقد قال النبي ﷺ لمن أتاه الشيطان فقال له:

( هذا الله خلق كل شيء فمن خلق الله؟ قال النبي ﷺ: من وجد ذلك
فليستعذ بالله ولينتهه )

وفي لفظ: فليقل:

( آمنت بالله ورسله )

فإذا وجدت هذه الوساوس فقل:
آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وانته، ودع السير مع هذه
الوساوس واللين معها دعها وابتعد عنها واحذرها، ولا تلن ولا تسترخ
معها، فإن ذلك مما يطمع الشيطان، ولكن دعها وحاربها واشتغل بشيء آخر
من ذكر الله، وقراءة القرآن، وغير هذا من المشاغل التي تشغلك عنها من
أمور الدين والدنيا جميعاً، وهذا هو العلاج فيما نعتقد، والله سبحانه
وتعالى هو الموفق.



المصدر/ مجموع فتاوى ابن باز



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق