الجمعة، 7 أغسطس 2020

من فضلك.. لا تستعجل الثمرة!

من فضلك.. لا تستعجل الثمرة!


كانت الطفلة الصغيرة تحاول المساعدة حين سمعتُ والدتها تخاطبها بأسلوب
مستفز: أنت لا تنفعين لشيء! أعان الله من سيتزوج بك!

وكم من مرة التقط سمعي صوت الأب وهو يصرخُ في ابن الخامسة عشر:
هذا كيف سيكون مسؤولًا ويقدر على فتح بيت وعيال..

يستعجلُ الوالدان كثيرًا بالرغبة في قطفِ ثمرةِ تربيتهم لأبناءهم ويريدون
رؤيتها بسرعة ولو على حساب أطفالهم وتحميلهم فوق ما يطيقون ..
والإنسان بطبيعته لا يتحمل الصبر الطويل ( وخلق الإنسان عجولًا )
فيريد من ابنه أن يتعلم بسرعة من المرة الأولى ومن بضعِ تنبيهاتٍ
وقصصٍ قد حكاها له يومًا ما..

والحقيقة أن الإنسان يستغرقُ وقتًا وجهدًا حسب قدراته ونفسيته وأفكاره
للتعلم والفهم والتطور، ويحتاج لكثير من الممارسة كي تتكون خبرته
وينضج تفكيره، ولأنّ قدرات الأطفال صغيرة فإنهم يتعلمون بشكل مراحل
تدريجية وفي كل مرحلة تضاف معلومةٌ جديدةٌ تناسب سنّه، ولا يمكن إعطاء
المعلومة العلمية أو الأخلاقية والتربوية كاملة مباشرة من أول مرة لأن
إدراكه لن يستوعبها بالشكل الصحيح، ويبدأ في التخيل والاستطراد
والدخول في أزمات نفسية واجتماعية مضرّة ..

كما أن بعض الأهالي يريدون حلًا سريعًا لتعديل سلوك أبناءهم ويبحثون
عمن يلقون عليه المسؤولية من مدرسة أو معلم وهذا كله من استعجال
النتائج المرجوة، ورغبتهم في رؤية العائد من الأبناء.

وبالعودة للواقع فإن ناتج العائد للأهالي من الأبناء في فترتي الطفولة وبداية
الشباب ربما سيكون صفرًا ولن يجدوا من الابن أي نتيجة أو تفاعل يذكر..
ولكن قد تخرج الثمرة في وقتٍ لاحق بعد سنين ويكون العائد أكبر بكثير
مما قدمه الأهل ..

لذلك علينا:
– أن نحدد المبادئ التي نريد أن نقدمها لأبنائنا بغض النظر
عن النتيجة التي ستنتج منهم.

– نضع فكرة أنّ النتيجة قد تكون خلاف ما زرعته وربما أضعافه سلبًا
( وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون ) فنتحلى بالصبر والثبات
لأبعد الحدود.

– أن نتذكر أننا لا نزرع في أرض أو نستثمر في مشروع تجاري، بل
في نفسٍ بشرية لها تفاعلها المختلف حسب الظروف والعمر والبيئة.

– تقبل كافة التصرفات التي يمكن أن تصدر من الطفل، ولا يعني ذلك الرضا
بالخطأ، وإنما محاولة تعديله بدون قسوة أو ضغط أو عنف.

– أن نبتغي في كل ما نقدمه لأبناءنا وجه الله وليس طلبًا للثواب
والمكافأة من الآباء.

– أن نعلم أنّه ليس هناك حل آخر بالهروب من الأبناء أو التخلي
عن مسؤوليتهم أو إلقاءها على أكتاف الآخرين.

إنّ الأم والأب هما فردان في حياة الطفل، وليسا كل شيء بالنسبة له، ولن
يكونا المتحكمين الوحيدين، فالطفل يختلط بغيرهم ويتعرف على من حوله
من الأصدقاء والجيران، ويتعلم من كل شخص يقابله صفة وطريقة وأسلوبًا،
حتى اكتمال شخصيته وطريقته، فلا تستعجلوا قطف الثمرة فتخرج
مشوهة أو على غير ما تحبون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق