الثلاثاء، 24 أغسطس 2021

كالذين من قبلكم

 كالذين من قبلكم....



قال تعالى
{ كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا
فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلَاقِكُمْ
كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُم بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا ۚ
أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }
التوبة: 69)

ذكر الأصلين وهما داء الأولين والآخرين

1⃣ الاستمتاع بالخلاق وهو النصيب من الدنيا ، والاستمتاع به متضمن
لنيل الشهوات المانعة من متابعة الأمر ، بخلاف المؤمن فإنه وإن نال من الدنيا
وشهواتها ، فإنه لايستمتع بنصيبه كله ، ولايذهب طيباته في حياته
الدنيا بل ينال منها ماينال منها ليتقوى به على التزود لمعاده .

2⃣ الخوض في الشبهات الباطلة وهو قوله ( وخضتم كالذي خاضوا)
وهذا شأن النفوس الباطلة التي لم تخلق للآخرة ، لاتزال ساعية في نيل
شهواتها فإذا نالتها فإنما هي في خوض بالباطل الذي لايجدي عليها
إلا الضرر العاجل والآجل .

ومن تمام حكمة الله تعالى أنه يبتلي هذه النفوس بالشقاء والنصب.
في تحصيل مراداتها وشهواتها ، فلا تتفرغ للخوض بالباطل إلاقليلأ .
ولو تفرغت هذه النفوس الباطولية لكانت أئمة تدعو إلى النار وهذا حال
من تفرغ منها كما هو مشاهد بالعيان ، وسواء كان المعنى وخضتم
كالحزب الذي خاضوا ، أو كالفريق الذي خاضوا فإن الذي يكون
للواحد والجمع.

حقيقة الأمر أن الخلاق هو النصيب والحظ كأنه الذي خلق للإنسان وقدر
له كما يقال : قسمه الذي قسم له ونصيبه الذي نصب له أي أثبتث،
وقطه الذي قط له أي قطع.

ومنه قوله تعالى
{ وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ }
البقرة : 200

وقوله صلى الله عليه وسلم
( إنما يلبس الحرير في الدنيا من لاخلاق له في الآخرة)

الآية تتناول ماذكره السلف كله فبتلك القوة التي كانت فيهم كانوا.
يستطيعون أن يعملوا للدنيا والآخرة، وكذلك الأموال والأولاد وتلك القوة
والأموال والأولاد هي الخلاق فاستمتعوا بخلاقهم وأموالهم وأولادهم في
الدنيا. ونفس الأعمال التي عملوها بهذه القوة من الخلاق الذي أستمتعوا
به ولو أرادوا بذلك الله والدار الآخرة لكان لهم خلاق في الآخرة فتمتعهم
بها أخذ حظوظهم. العاجلة. وهذا حال من لم يعمل إلأ لدنياه. سواء كان
عمله من جنس العبادات وغيرها.

المقصود أنه سبحانه جمع بين الاستمتاع بالخلاق وبين الخوض بالباطل
لأن فساد الدين إما أن يقع بالاعتقاد الباطل والتكلم به وهو الخوض ،
أو يقع في العمل بخلاف. الحق والصواب وهوالاستمتاع بالخلاق.ِ

الأول البدع ، والثاني اتباع الهوى.ِ وهذان هما أصل كل فتنة وشر وبلاء.
وبهما كذبت الرسل وعصي الرب. ودخلت النار وحلت العقوبات فالأول
من جهه الشبهات والثاني من جهه الشهوات.

لهذا كان السلف يقولون : احذروا. من الناس صنفين :
صاحب هوى فتنته هواه ؛ وصاحب دنيا أعجبته دنياه.

وكانوا يقولون : احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل ؛ فإن فتنتهما.
فتنة لكل مفتون ، فهذا يشبه. المغضوب عليهم الذين يعملون الحق
ويعملون خلافه ؛ وهذا يشبه الضالين. الذين يعملون بغير علمِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق