السبت، 25 ديسمبر 2021

عن قلوب آبائنا وأمهاتنا

 

عن قلوب آبائنا وأمهاتنا


د. أحمد علي عمر

قال الله عن أم موسى عليه السلام
{ فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ }
عين الأم لا عين موسى، حزنها لا حزنه، وقال عن نبيه يعقوب
عليه السلام
{ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ }
عينا الأب يعقوب لا يوسف.

إذن، الفقد يُحدِث ألماً عظيماً في الوالدين لا يقارَن بألمك فيهما، وقد
حرص القرآنُ على تصويره في نظام تربوي لا تجد مثلَه في دساتير العالم
أجمع، القوانين التي تُغفل النواحي الداخلية للأبوين، النواحي التي
لو جهلها الابنُ لصار مفقوداً رغم وجوده في حياتهما.

كم أب تبيضّ عيناه من الحزن كل يوم بفقدٍ مِن نوع آخر، وكم أمٍّ لم تقر
عينها، رغم وجود ولدها. حين تكون سبباً في عبء والديك النفسي،
في فقْدِ سعادتك أمامهما، إذ تحمّلهما همومَك التي تستطيع حلها أو الصبر
عليها، حين تتجاهل وجودَهما وتنشغل بالهاتف عند زيارتهما، حين
تجعلهما يعيشان همّ الغد من جديد، بعد أن ذاقاه طويلاً لتقف،
ثم إذ بك تقف لتجعلهما في خوف من سقوطك كل حين.

فقدُ سعادتك أمامهما أشبهُ بفقدك، ترنُّحك من القلق أمامهما لا يجعلهما
قريري العين، فما أعظم أن تكون وكاءهما وقد صارا إلى حال
لا يستطيعان فيها حملك والغناء لك عندما تشقى بحزن، وإن قلبهما هو
هو لا يتغير، بيد أن وسائلهما في دفع الابتئاس عنك قد اختلفت، فتفقّدوا
هذه الجوانب، يا من ستصيرون آباء في الغد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق