الاثنين، 27 مارس 2023

هل للمرأة اجر تفطير الصائم لإعدادها الطعام لأهل بيتها ؟

هل للمرأة اجر تفطير الصائم لإعدادها الطعام لأهل بيتها ؟



السؤال

هل تحصل المرأة على أجر تفطير الصائم عند إعدادها الطعام ،
أم يجب ان تكون هي من أحضرت المكونات؟

الجواب
الحمد لله.

الذي يظهر أن ثواب تفطير الصائم: لا ينحصر فيمن أطعم الطعام، وفطر
الصائمين من ماله؛ بل إذا أنفق الرجل على ذلك من ماله، وكانت المرأة هي
من طبخت الطعام، وأعدته للصائمين: فإن للرجل أجر ما أنفق من ماله ،
وسعى على تفطير الصائم ، ويرجى للمرأة من أجر ذلك، أيضا : بما عملت،

وتعبت، وأطعمت من صنع يدها.

ويدل لذلك الأحاديث الآتية:

روى البخاري (1425) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( إِذَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ: كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ ،

وَلِزَوْجِهَا أَجْرُهُ بِمَا كَسَبَ ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ ،
لَا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا ) .

وفي رواية للبخاري (1440)

(إِذَا أَطْعَمَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ: كَانَ لَهَا أَجْرُهَا ،
وَلَهُ مِثْلُهُ ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ ، لَهُ بِمَا اكْتَسَبَ ، وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ ).

فهذا الحديث يدل على أن للمرأة ثواب الصدقة ،
وكذلك الخازن ، وإن كان المال هو مال الزوج .

وروى البخاري (1438) ، ومسلم (1023)
عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( الْخَازِنُ الْمُسْلِمُ الْأَمِينُ الَّذِي يُنْفِذُ، وَرُبَّمَا قَالَ: يُعْطِي، مَا أُمِرَ بِهِ، كَامِلًا
مُوَفَّرًا ، طَيِّبًا بِهِ نَفْسُهُ ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ: أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ ) .

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" :

"قَوْله : ( وَلَهُ مِثْلُهُ ) أَيْ : مِثْل أَجْرِهَا ( وَلِلْخَازِنِ مِثْلَ ذَلِكَ ) ؛
أَيْ : بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى .

وَظَاهِره : يَقْتَضِي تَسَاوِيهِمْ فِي الْأَجْرِ .

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَاد بـ(ِالْمِثْلِ):

حُصُول الْأَجْر فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ أَجْر الْكَاسِب أَوْفَر" انتهى .

وقال النووي :

"مَعْنَى هَذِهِ الْأَحَادِيث: أَنَّ الْمُشَارِك فِي الطَّاعَة، مُشَارِكٌ فِي الْأَجْر .

وَمَعْنَى الْمُشَارَكَة أَنَّ لَهُ أَجْرًا ، كَمَا لِصَاحِبِهِ أَجْر ,
وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يُزَاحِمَهُ فِي أَجْره .

وَالْمُرَاد : الْمُشَارَكَة فِي أَصْل الثَّوَاب , فَيَكُون لِهَذَا ثَوَاب، وَلِهَذَا ثَوَاب ,
وَإِنْ كَانَ أَحَدهمَا أَكْثَر , وَلَا يَلْزَم أَنْ يَكُون مِقْدَار ثَوَابهمَا سَوَاء ؛ بَلْ قَدْ يَكُون
ثَوَاب هَذَا أَكْثَر وَقَدْ يَكُون عَكْسه , فَإِذَا أَعْطَى الْمَالِك لِخَازِنِهِ ، أَوْ اِمْرَأَته ،
أَوْ غَيْرهمَا ، مِائَة دِرْهَم أَوْ نَحْوهَا ، لِيُوصِلهَا إِلَى مُسْتَحِقّ الصَّدَقَة عَلَى بَاب
دَاره ، أَوْ نَحْوه ؛ فَأَجْر الْمَالِك أَكْثَر . وَإِنْ أَعْطَاهُ رُمَّانَة أَوْ رَغِيفًا وَنَحْوهمَا
مِمَّا لَيْسَ لَهُ كَثِير قِيمَة ، لِيَذْهَب بِهِ إِلَى مُحْتَاج فِي مَسَافَة بَعِيدَة ، بِحَيْثُ يُقَابِل
مَشْيَ الذَّاهِب إِلَيْهِ بِأُجْرَةٍ تَزِيد عَلَى الرُّمَّانَة وَالرَّغِيف ؛ فَأَجْر الْوَكِيل أَكْثَر ,
وَقَدْ يَكُون عَمَله قَدْر الرَّغِيف مَثَلًا فَيَكُون مِقْدَار الْأَجْر سَوَاء" انتهى .

وعن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُدْخِلُ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ الْجَنَّةَ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ :
صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صُنْعِهِ الْخَيْرَ ، وَالرَّامِيَ بِهِ ، وَمُنَبِّلَهُ) .

(وَمُنَبِّلَهُ) أي مناوله لمن يرمي به .

رواه أحمد أبو دواد والترمذي والنسائي وابن ماجه ، وقال الترمذي :

حسن صحيح . وحسنه الأرنؤوط في تحقيق المسند (17338) بشواهده .

فيستفاد من هذه الأحاديث : أن المرأة تنال ثواب تفطير الصائم بإعدادها
الطعام ، ولزوجها مثله ، بل الذي يقوم بإيصال الطعام إلى الصائم :
له ثوابه أيضا ، من غير أن ينقص أحدهم ثواب الآخر .

المصدر/ مجموع فتاوى ابن باز
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق