إتبع السيئة الحسنة تمحها افعل الحسنة بعد
السيئة
إن الخطأ والوقوع في بعض المعاصي لا يكاد يسلم منه
أحد ،
وإن كان الناس يتفاوتون بين مقل
ومستكثر
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
:
( والذي نفسي بيده لو لم تخطئوا
لجاء الله عز وجل بقوم يخطئون
ثم يستغفرون فيغفر لهم )
( أنَّ رجلًا أصاب منَ امرأةٍ قُبلَةً
،
فأتى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فذكَر ذلك
له ،
فأُنزِلَتْ عليه :
{ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا
مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ
السَّيِّئَاتِ
ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ }
قال الرجلُ : ألي هذه ؟
قال : لمَن عمِل بها من أُمَّتي )
.
إنها منة عظيمة من الله على هذه الأمة أن جعل حسنات
بنيها تكفر سيئاتهم
{ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا
فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ
فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ
وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ
يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ
يَعْلَمُونَ
أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ
وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ
فِيهَا
وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ }
وقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المعنى
حين
قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه
:
( وأتبع الحسنة السيئة تمحها
)
إن الذنوب يا أيها الأحبة الكرام توبق العبد وتهلكه ،
والنجاة منها
التعرض لأسباب المغفرة ومنها فعل الحسنة بعد السيئة
،
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى وجلاه
ووضحه حين قال :
( إن مَثَلَ الذي يعملُ
السيئاتِ، ثم يَعملُ الحسناتِ :
كَمَثَلِ رجلٍ كانت عليه دِرْعٌ ضَيِّقةٌ قد
خَنَقَتْهُ، ثم عمِل حسنةً فانفَكَّت
حَلْقَةٌ،
ثم عمِل أخرى فانفَكَّت حَلْقَةٌ، ثم عمِل أخرى
فانفَكَّت حَلْقَةٌ أخرى،
حتى تَخرجَ إلى الأرضِ )
وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه
قال:
( بينما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في
المسجدِ ، ونحن قعودٌ معه ،
إذ جاء رجلٌ فقال : يا رسولَ اللهِ ! إني أصبتُ حدًّا
. فأَقِمْه عليَّ .
فسكت عنه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
.
ثم أعاد فقال : يا رسولَ اللهِ ! إني أصبتُ حدًّا .
فأَقِمْه عليَّ .
فسكت عنه . وأقيمتِ الصلاةُ
.
فلما انصرف نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ
قال أبو أُمامةَ : فاتبع الرجلُ رسولَ اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ حين انصرف
واتبعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنظرُ
ما يردُّ على الرجلِ .
فلحق الرجلُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
فقال : يا رسولَ اللهِ !
إني أصبتُ حدًّا ، فأَقِمْه عليَّ
.
قال أبو أمامةَ : فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ
عليه وسلَّمَ
أرأيتَ حين خرجتَ من بيتك ، أليس قد توضأتَ فأحسنتَ
الوضوءَ ؟
قال : بلى . يا رسولَ اللهِ
!
قال : ثم شهدتَ الصلاةَ معنا
؟
فقال نعم . يا رسولَ اللهِ
!
قال فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
فإن اللهَ قد غفر
لك حدَّك .
أو قال - ذنبَكَ )
كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم قوله
:
( إن رجلا أذنب ذنبا , فقال :
يا رب , إني أذنبت ذنبا فاغفره .
فقال الله : عبدي عمل ذنبا , فعلم أن له ربا يغفر
الذنب ويأخذ به ,
قد غفرت لعبدي , ثم عمل ذنبا
آخر
فقال : رب , إني عملت ذنبا فاغفره
.
فقال تبارك وتعالى : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب
ويأخذ به ,
قد غفرت لعبدي .
ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب , إني عملت ذنبا فاغفره لي
.
فقال عز وجل : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ
به ,
قد غفرت لعبدي ,
ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب , إني عملت ذنبا فاغفره
.
فقال عز وجل : عبدي علم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ
به ,
أشهدكم أني قد غفرت لعبدي , فليعمل ما شاء
)
لكن انتبه فهناك فرق كبير بين هذا الذي أخبر عنه
النبي صلى الله عليه وسلم
وبين المُصر،فهذا الرجل يجاهد نفسه على ترك المعاصي
فإذا غلبته نفسه
ووقع في المعصية ندم واستغفر وهكذا فهو دائم المجاهدة
لنفسه وهواه ،
والآخر المصر لا تبدو منه مجاهدة ولا يستغفر ولا يندم
،
فالأول موعود بالمغفرة طالما كان على هذا الحال من
المجاهدة والتوبة
والاستغفار والندم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق