الأربعاء، 21 أغسطس 2013

التصدر و الإفتاء دون الرجوع للعلماء

فهذه بعض الآثار تبين لنا مكانة العلماء وزهدهم فى حب التصدر
وإفتاء الناس فى حين كانت عندهم الأهلية الكافية في إفتاء الناس
ولكنهم كانوا يكرهون أن توطأ أعقابهم
فنسال الله أن يحشرنا معهم ويخلقنا بأخلاقهم.

عن أبن عباس رضي الله تعالى عنهما قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

( البركة مع أكابركم ) .

و كان أبن عمر رضي الله تعالى عنهما يقول :

[ ألا إن أصدق القيل : قيل الله ،
و أحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم
و شر الأمور محدثاتها ،
ألا إن الناس ما يزالوا بخير ما أتاهم العلم عن اكابرهم ] .

وعن عمر رضي الله تعالى عنه قال :

[ قد علمت متى صلاح الناس ومتى فسادهم :
إذا جاء الفقه من قبل الصغير استعصى عليه الكبير ،
و إذا جاء الفقه من الكبير تابعه الصغير فاهتديا ] .

و عن أبن مسعود رضي الله تعالى عنه قال :

[ لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم ،
فإذا أخذوه عن أصاغرهم شرارهم هلكوا ] .

فيجب على كل طالب علم ان يعرف قدر أهل السنة والعلماء الكبار
ويعرف قدر نفسه ولا يحتقر أحدا من أهل السنة ولا يتنقصهم بالهمز واللمز
فإن تنقص أهل السنة علامة أهل البدع .
فقد جاء عن ابي حاتم الرازي قوله علامة أهل البدع الوقيعة فى أهل الاثر.
والواجب على طالب العلم ان يجاهد نفسه فى الاخلاص لله وحده ولا يعجب برأيه.
قال مسروق بن الاجدع:كفى بالمرء علما أن يخشى الله
وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بعمله.

و قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه :

[ علامة الجهل ثلاثة : العجب و كثرة المنطق فيما لايعني ،
و أن ينهى عن شي و يأتيه ] .

و قال الفضيل بن عياض :
 
[ ما من أحد أحب الرئاسة
إلا حسد و بغى و تتبع عيوب الناس و كره أن يذكر أحد بخير ] .
 
و قال أبو نعيم :
 
[ والله ما هلك من هلك إلا بحب الرئاسة ] .
 
و قال المامون:
 
[ من طلب الرئاسة بالعلم صغيرا فاته علم كثير ] .
 
و قال سفان الثوري :
 
[ كنت أتمنى الرئاسة و أنا شاب
و أرى الرجل عند السارية يفتي فأغبطه فلما بلغتها عرفتها ] .
 
و جاء عن على رضي الله تعالى عنه :
 
[ أنه خرج يوما من المسجد فاتبعه الناس , فالتفت إليهم
و قال : أي قلب يصلح على هذا ؟
ثم قال : خفق النعال مفسدة لقلوب النوكا ( الرجال ) ] .
 
وكان ابن مسعود رضى الله تعالى عنه يقول لمن يمشي خلفه :
 
[ هذه ذلة للمتبوع و فتنة لتابع ] .
 
و جاء عن عاصم بن ضمرة :
 
[ أنه رأى أناسا يتبعون سعيد بن جبير
فنهاهم و قال ان صنيعكم هذا مذلة للتابع و فتنة للمتبوع ] .
 
و قال أبرهيم النخعي :
 
[ كانوا يكرهون أن توطأ أعقابهم ] .
 
و كان سفيان يقول :
 
[ تحب الرئاسة ؟ تهيا للنطاح .
و يقول : من طلب الرئاسة وقع فى الدياسة يعني الذل ] .
فهذه بعض الآثار تبين لنا كيف كان السلف يتعاملون
مع حب الظهور وكيف يكرهون التحلق حولهم
مع العلم أنهم كانوا أهلا لذلك وكانوا من أعلم الناس بمسائل الخلاف
من الناحية الفقهية أو غيرها
فكيف بمن لا يعرف شيا من هذه الأمور ثم يتصدر .
قال قتادة من لم يعرف الاختلاف لم يشم رائحة الفقه بأنفه .
 
و قال سعيد بن ابي عروبة :
 
[ من لم يسمع الاختلاف فلا تعدوه عالما ] .
 
و قال أيوب السختياني :
 
[ أجسر الناس على الفتيا أقلهم علما باختلاف العلماء
وأمسك الناس عن الفتيا أعلمهم باختلاف العلماء ] .
 
و قال ابن القاسم :
 
[ سئل مالك لمن تجوز الفتوى ؟ فقال :
" لا تجوز إلا لمن علم ما اختلف الناس فيه ".
قيل اختلاف أهل الرأي ؟
قال لا , اختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم
وعلم الناسخ من المنسوخ من القرآن
و من حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و كذلك يفتي .
 
و قال ابن الماجشون :
 
[ كانوا يقولون :
لا يكون فقيها فى الحادث من لم يكن عالما بالماضي ] .
 
و سئل ابن المبارك :
 
[ متى يسع الرجل أن يفتي قال اذا كان عالما بالأثر بصيرا بالرأي ] .
 
و قال يحي بن سلام :
 
[ لا ينبغي لمن لا يعرف الاختلاف أن يفتي
لا يجوز لمن لا يعلم الأقاويل أن يقول هذا أحب إلي ] .
 
و قال مالك بن أنس :
 
[ لا يؤخذ العلم عن أربعة :
سفيه معلن بالسفه ، و صاحب هوى يدعوا الناس إليه
و رجل معروف بالكذب فى أحاديث الناس
و إن كان لا يكذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم
و رجل له فضل وصلاح و لا يعرف ما يحدث به ] .
 
و قال الشاطبي فى الاعتصام :
 
[ و العالم إذا لم يشهد له العلماء فهو فى الحكم
باق على الأصل من عدم العلم حتى يشهد فيه غيره
و يعلم هو من نفسه ما شهد له به
و إلا فهو على يقين من عدم العلم .... الخ ] .
 
قال الشيخ الالباني رحمه الله :
 
[ فى الصحيحة و هذه نصيحة الإمام الشاطبي الى العالم
الذي بإمكانه أن يتقدم الى الناس بشي من العلم
ينصحه بأن لا يتقدم حتى يشهد له العلماء
خشية أن يكون من أهل الأهواء
فماذا كان ينصح يا ترى لو رأى بعض هؤلاء المتعلقين بهذا العلم
فى زماننا لا شك أنه يقول :
ليس هذا عشك فادرجي فهل من معتبر .
 
و قال الشيخ عبد العزيز الراجحي :
 
[ فى شرح الإبانة و لا يكفي أن يكون الإنسان يأخذ العلم من الكتب و القراءة ما يكفي ] .
 
و ليس هناك أحد تعلم و صار طالب علم من الكتب أبدا
العلم انما يؤخذ من أفواه العلماء .
و لو جلس الانسان طول حياته و معه الكتب وحدها
ما صار طالب علم .
و لهذا قال العلماء من كان شيخه كتابه فخطئوه أكثر من صوابه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق