الجمعة، 6 مايو 2016

فائدة تدبرية

اولاً الفرق بين :
 
{ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }
[ البقرة : 265 ]
 
مقارنة بقوله :
 
{ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }
[ البقرة : 96 ]
 
 
ويقاربها :
 
{ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }
[ البقرة : 234 ]
 
مقارنة بقوله :
{ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }
[ النور : 53 ]
 
قال العلماء :
إذا كان العمل ظاهرياً يمكن أن يعلمه الناس
 قدم الله تعالى ذكر العمل
مثل :
{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ .... أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }
 
{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ .....  وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }
 
 
وإذا كان العمل يختص الله تعالى وحده
بالاطلاع عليه والعلم به
 قدم سبحانه كلمة " خبير " أو " بصير "
مثل :
((إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ ....  لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ
وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ  }
[ آل عمران : 153 ]
 
الحزن في القلب لا يعلمه إلا الله وحده
 
{ هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }
[ آل عمران : 163 ]
 
 
ثانيا :

 كم وردت كل منهن ؟
 
{ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }  7 مرات
{ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }  4 مرات
{ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }   7 مرات
{ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }   4 مرات
 
اللهم ارزقنا التدبر في كتابك والاهتداء بما فيه ،
 وتجاوز عنا جميعا .
 
 
يقول تعالى :
 
{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ }
ومرة يقول
{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ }
 
فهل هناك فارق بينهما ؟
 
   1 - إذا كرر كلمه ما

كل الآيات بلا استثناء إذا كرر ( ما ) يعقب الآية بالكلام
على أهل الأرض في كل القرآن في آيات التسبيح كلها ،
 
اي إذا قال :
 
 { مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ }
 
يعقب الكلام لأهل الأرض
 
مثلا في سورة الصف
 
{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ *
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ  }
 
لأهل الأرض
 
كذلك في سورة الحشر
 
{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ *
 هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ }.
 
لأهل الأرض
 
 
   2 - إذا لم كرر كلمه ما

لا يذكر أهل الأرض ولا يعقبها , وإنما يعقبها بشيء عن نفسه
 أو شئ آخر مثلا في سورة الحديد :
 
{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ *
 لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
 
 لم يتكلم على أهل الأرض .
 
 
اذاً في جميع القرآن :
 حيث كرر { ما } يعقب الآية بالكلام على أهل الأرض .
 
 * ولذلك لاحظ في سورة الحشر أولها قال :
 
{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }
 
كرر { ما } لانه عقب بعدها باهل الارض
 
 
 * بينما في نهاية السورة
 
{ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى
يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }
 
لم يكرر { ما }
 
لأنه لم يأت بعدها كلام على أهل الأرض وانتهت السورة .
 
 لذلك نقول القرآن تعبير فني مقصود كل كلمة ، كل تعبير ، كل ذكر ،
كل حذف قُصِد قصداً ولم يأت هكذا .
 
 
لو جاءت {إذا } و{ إن } في الآية الواحدة
 - تستعمل { إذا } للكثير
 - و{ إن } للأقلّ
 
 
كما في سورة النساء
 
{ .... فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ ...}
  
الاحصان امر متكرر اما وقوع الفاحشة نادر الحدوث
 
 
وكما في الآية في سورة البقرة :
 
{ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا ... }
 
ولا بد ان يحضر الموت ، لكن لا يشترط ان يترك مالا
وكما في آية الوضوء في سورة المائدة
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ
وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ
 وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ
أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ }
 
القيام إلى الصلاة كثيرة الحصول فجاء بـ { إذا }
أما كون الإنسان مريضاً أو مسافراً أو جنباً فهو أقلّ
لذا جاء بـ { إن }
 
 
ما دلالة استعمال ( إذا ) و( إن ) في القرآن الكريم ؟
 
{ إذا } في كلام العرب تستعمل للمقطوع بحصوله وللكثير الحصول
كما في قوله تعالى :
 
{ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا }.
[ النساء : 86 ]
 
وقد وردت { إذا } في القرآن الكريم 362 مرة لم تأتي مرة واحدة
في موضع غير محتمل البتّة فهي تأتي إمّا بأمر مجزوم وقوعه
 أو كثير الحصول كما جاء في آيات وصف أهوال يوم القيامة
 لأنه مقطوع بحصوله
 
أما { إن } فستعمل لما قد يقع ولما هو محتمل حدوثه
أو مشكوك فيه أو نادر او مستحيل
 
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ
حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ
وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ
 أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ... }
 
المرض والسفر هي امور محتملة الحدوث
 
 
وكما في قوله تعالى
 
{ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا }
[ ص : 71 ]
 
هنا احتمال وافتراض .
 
 
و{ وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا }
[ الطور : 44 ]
 
لم يقع ولكنه احتمال .
 
 
و{ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا }
 
الأصل أن لا يقع ولكن هناك احتمال بوقوعه .
 
 
وكذلك في سورة اﻷعراف
 
{ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ }
[اﻷعراف : 143 ]
 
افتراض واحتمال وقوعه .
 
لمسات بيانية
د.   فاضل السامرائى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق