الخميس، 27 ديسمبر 2018

لفتة لغوية

لفتة لغوية

يقول تعالى في سورة المائدة

{ اليوم أكملتُ لكُم دينكُم وأتْممتُ عليكُم نعمتي }

نلاحظ كلمتي [ أكملتُ ] و [ أتممتُ ] في الآية نفسها ,

لكن لماذا لم يقل الله سبحانهُ وتعالى

[ اليوم أكملتُ لكُم دينكُم وأكملتُ عليكُم نعمتي ] ؟


القرآن الكريم ليْس فيه كلماتٌ مُـترادفة لغوياً أبداً ،

فكلُ كلمَةٍ لهـا مدلولها الخاصّ بهـا ، ولا يُمكِنُ أنْ تَحِلَّ مكانها أيّ كلمةٍ

أُخْرى ، ولو كانت تحمل نفْس المعنى ظـاهريّاً ,

لأن الله تعالى يقول في سورة الأنعام 115


{ لا مُبدّل لكلماتهِ }


[ أكمَـل .. أتَـمّ ] .


أكمل الأمْـرَ : أي أنهاهُ على مـراحل مُتقطّعة ، بينها فواصل زمنيّة ،

فيمكنهُ أن يُكمل باقي القضية عِند أنقطاعهِ عنها في غير وقت ,

فالذي عندهُ أيّام إفطار في رمضان وعليه صيامها فيما بعد ،

لديه فرصة 11 شـهراً لقضائها ، ولو على فترات متقطّعة ،

لذلك تقول الآية الكريمة في سورة البقرة 185


{ ولتُكْـملوا الـعِدّة } .


أما .. أتـمّ الأمـر : يجب أنْ لا ينقطع العمل حتّى ينتهي ،

فلا يجوز مثلاً الإفطار عند النهار في يوم الصيام ، ولو لفترة قصيرة

جدّاً .. ثُمّ نُكْمل الصيام ، لذلك تقول الآية الكريمة في سورة البقرة 187


{ ثُمّ أتِمّـوا الصـيام إلى الليل }


ولم يقل [ أكملوا ] لأنهُ إذا قال [ أكملوا الصيام إلى الليل ] لأختلف نظام

الصيام كاملاً , أي : كان يجوز لنا أن نفطر عند النهار ونذهب إلى الغذاء

مثلاً عند الظهر .. ثم نُكمل الصيام إلى الليل .


وكذلك لا يجوز للإنسان أن يتحلّل مِنَ الإحرام في الحجّ حتى ينتهي من

شعائره ، أي : لا يجوز التحللّ من الإحرام في الحجّ , ثمّ نُكمل الحجّ ،

لذلك تقول الآية 196 من سورة البقرة


{ وأتمّوا الحجّ والعُمرة للّـه }

وليس أكملوا الحجّ والعمرة .


منْ هذا المفهوم ، نُلاحظُ روعة الآية الكريمة في سورة المائدة 3


{ اليوم أكمَلْتُ لكُم دينَكُمْ وأتْمَمْتُ عليكُمْ نعمتي }


فلماذا الدين [ اُكْمل ] بينما النعمة [ أُتِمّت ] ؟

لأنَّ الدين نزل على فتراتٍ متقطّعة , على مدى 23 عام ، فمن خلال هذه

الفترة أكمل الدين بنزول الوحي والقرآن الكريم بشكل متقطع على نبيّنا

محمد صلى الله عليهِ وسلم , ولكن المُلفت والجميل أن نعمة الله لم تنقطع

أبداً , فقال ( وأتممتُ عليكُم نعمتي ) فـنِعْمـةُ اللّه لمْ تَنقطع ,

ولا حتى ثانية واحدة على هذه الأمّة ، فمـا أروع كرم الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق