الأربعاء، 27 فبراير 2019

دور الأسرة في انحراف الأولاد الأسباب والعلاج ( الجزء الثالث - 8 )


دور الأسرة في انحراف الأولاد

الأسباب والعلاج

( الجزء الثالث - 8 )

تخلي الأبوين عن تربية الولد

من العوامل الكبرى التي تؤدي إلى انحراف الولد وإلى فساد خلقه

تخلي الأبوين عن إصلاحه وانشغالهما عن توجيهه وتربيته

وإسناد ذلك إلى الخدم والسائقين.

وقد تبين من الدراسات الميدانية الاجتماعية أن هناك زيادة في حجم الأسر

التي تستعين بالخادمات والمربيات

فمثلاً بلغت نسب الأسر السعودية التي يوجد لديهن خادمات

في مدينة الرياض 23% من الأسر وذلك حسب المسح السكاني

والاقتصادي الذي أجرته العليا لتطوير مدينة الرياض

في الفترة من أكتوبر عام 1986 حتى نهاية يناير 1987 –

يلاحظ ازدياد نسبة الأسر السعودية التي لديها خادمات في السنوات الأخيرة-

كما تبين من إحدى الدراسات التي أجريت على عدة من المدن السعودية

أن 6.2% من الأسر السعودية التي دخلها الشهر لا يتعدي

3000 ريال سعودي تستعين بالمربية والخادمة الأجنبية في منزلها،

بينما يليهم فئة ذوي الدخول من 3000 ريال إلى 6000 ريال شهرياً

ونسبتهم 2.7% وأن نسبة 81.3% من الأسر التي تستقدم خدماً يقع

دخلها في الفئة من 6000 إلى 15000 ريال شهرياً،

وتبين من خلال الدراسة أيضاً أن 73% من الأسر لكل منهم خادمة واحدة

وأن 24% من الأسر لكل منهم خادمتان،

وان 2% من الأسر لكل منهم 3 خادمات ولا توجد أسر عندها أربع خادمات

بينما وجد أن 1% من الأسر عندها خمس خادمات علماً

أن الإجابة على السؤال المتعلق بعدد الخادمات من قبل ربات الأسر

قد أحيط بشيء من الخصوصية والسرية وحاولوا إخفاء الحجم الحقيقي

لعدد الخادمات.

وقد ذكرت إحدى الدراسات أن 13.7% من الأسر يستقدمون الخادمة

من أجل القيام بواجبات الزيارة والضيافة فقط،

وأشارت إحدى الدراسات التطبيقية أن الغالبية من الأسر السعودية 54.2%

لديها من الإمكانات خاصة البنات والبنين ما يجعلها تستغني

كلية عن المستخدمين، وأشارت الدراسة إلى أن 21.8% من الأسر

تستخدم الخادمة كنوع من التقليد وحب التظاهر،

وأن 20% تستعين بالخادمة والمربية الأجنبية كنوع من الترف والغنى.

ولا شك أن لذلك آثاراً خطيرة على العقيدة والأخلاق والثقافة،

فقد دلت نتائج بعض البحوث الميدانية في منطقة الخليج

إلى أن أكثر المستقدمات من الخادمات غير المسلمات إذ بلغت

نسبتهن حوالي 60 إلى 75% وعدد كبير منهن ينتمي إلى ديانات

غير سماوية تقدس الأوثان، وتعبد الأبقار، وتحوز الديانة النصرانية

المرتبة الأولى، حيث أن أكثرهن من النصرانيات، ثم البوذيات،

ثم الهندوسيات، ثم المسلمات. والغريب أن حوالي 97.5%

منهن يمارسن طقوسهن الدينية،

مما يشير إلى خطورة هذا الصنف من الخادمات على النشئ

وتتضح الخطورة إذا علم أن حوالي 50% من هؤلاء المربيات

يقمن بالإشراف الكامل على الأطفال، مما يؤكد سهولة تأثيرهن في الأولاد

وبث الأفكار، والعقائد المنحرفة في عقولهم،

وقد أثبتت بعض الدراسات في الكويت أن 25% من الخادمات يكلمن الأولاد

في القضايا المتعلقة بالدين والاعتقاد.

وأقل ما يمكن أن تحدثه الخادمة غير المسلمة الإخلال بالعقيدة

في نفس الوالدان، وتوقع في نفسه حب الكفار واحترامهم من خلال حبه لها،

وهذا هدم لمبدأ الولاء والبراء الذين تقوم عليه عقيدة المسلمين.

كما يعتبر الوضع الخلقي بالنسبة للمربيات الأجنبيات من أسوأ ما يمكن

أن يكون؛ إذ ليس لدى أكثرهن من الإيمان والأخلاق أو الآداب

ما يمنعهن عن الانحراف الخلقي، فإن الدراسات الميدانية

في إحدى دول الخليج أشارت إلى أن المجتمعات التي ينتمي إليها

نسبة 58.6% من المربيات الأجنبيات تفضل إقامة العلاقات العاطفية

قبل الزواج، ولا شك أن الخادمات المستقدمات من هذه المجتمعات المنحلة

قد تؤثرن بهذا التوجه العام نحو الفاحشة في مجتمعاتهن،

والغريب من أعمار هؤلاء الخادمات أن 68.3% منهن لا يزدن

عن عشرين عامًا وان نسبة 42.4% منهن لم يسبق لهن الزواج،

وهذا خطر واضح، إذ يجلب إلى البيوت باسم الخادمات بنات في سن التهيج

والميل الشديد نحو ممارسة الرزيلة مع عدم وجود أي وازع من دين

أو خلق، إلى جانب التفلت الحاصل في آداب الاختلاط

في بيوت كثير من المسلمين.

إن اعتماد الأسرة على الخادمة الأجنبية في جميع شئون الولد

أو في معظمها يجعل منها عازلاً للولد عن مربية الطبيعيين فالمربية الأجنبية

ضائعة وحائرة بين ثقافتين ونظامين فلا يمكنها نقل الثقافة العربية الإسلامية

للولد؛ لكونها لا تعرفها ولا تجيد اللغة العربية ولا تستطيع نقل

ثقافتها الأجنبية، لغرابتها عن الثقافة المحلية،

فإن معظمهن لا يتكلمن العربية وهذا يمثل خطرًا فادحًا على ثقافة الطفل

ولغته العربية؛ لأن 50% من النمو العقلي يتجه في سن الرابعة

من عمر الطفل، كما أن البنية اللغوية تبدأ عنده كأداة للتفكير

والتعبير والاتصال في سن مبكرة.

قضية اللغة لا تقتصر على مسألة التخاطب فحسب،

بل هي الوعاء الفكري والثقافي والحضاري الذي ينقل الطفل إلى عقيدته

وقيمه وعاداته وتاريخه المجيد.

ولا شك أن تأثر الأولاد بلهجة المربية الأجنبية واقع لا مراء فيه،

فقد أظهرت نتائج الدراسات الميدانية أن قرابة 25% من أطفال الأسر

في المرحلة الأولى يقلدن المربيات في اللهجة؛ وإن أكثر من 40%

منهم تشوب لغتهم لكنة أجنبية.

العــــــلاج

الإسلام في دعوته إلى تحمل المسؤوليات،

حمل الآباء والأمهات مسؤولية كبرى في تربية الأولاد،

وإعدادهم الإعداد الكامل لحمل أعباء الحياة؛ وتهددهم بالعذاب الأكبر

إذا هم فرطوا وقصروا وخالفوا.

والرسول عليه الصلاة والسلام قد أكد في أكثر من أمر وأكثر من صورة

بضرورة العناية بالأولاد ووجوب القيامة بأمرهم والاهتمام بتربيتهم،

فعن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما- قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته،

فالإمام الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته،

والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته،

والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي مسئولة عنهم،

وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسئول عنه،

ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته )

أخرجه البخاري في الصحيح كتاب الأحكام

وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( إن المقسطينَ ، عند اللِه ، على منابرَ من نورٍ

عن يمينِ الرحمنِ عز وجل . وكلتَا يديهِ يمينٌ ؛

الذين يعدلونَ في حُكمهِم وأهليهِم وما وُلّوا )

أخرجه مسلم في الصحيح

ففي ضوء هذه التوجيهات الإلهية والنبوية يجب على الوالدين

العناية بتربية أولادهم وإذا كان لابد من الخادمة

فلابد أن تتصف بالمواصفات التالية:

1- أن تختار من بين نساء البلد المسلمات العربيات المحتاجات للعمل

فهن أقرب للثقافة المحلية وأدرى بعادات وتقاليد البلد

والأفضل أن تعمل في النهار دون الليل خاصة إذا كانت ربة المنزل

تستغنى عنها ليلاً، وإلا بحث الأب عن امرأة متفرغة تعيش معهم

للخدمة ليلاً ونهاراً.

2- إن عدم هذا النوع من الخدم فلا بأس بالاستقدام من الخارج

على أن يراعى في ذلك أن تكون مسلمة صالحة تجيد العربية،

كما يراعى وجود المحرم من زوج أو أب، أو عم، أو أخ أو غيره.

3- لا يجوز تكليفها بشئون الأولاد أياً كانت، فلا تكلف تغذيتهم أو تنظيفهم

أو اللعب معهم، أو النوم معهم، أو تعليمهم إلا عند الضرورة

وفي فترات قصيرة حتى لا يتعودوا عليها ويتعلقوا بها.

4- يجب مراعاة مسألة الحجاب والخلوة بمعنى أن تلزم بالحجاب الشرعي

وتمنع من الخلوة بالرجل الأجنبي،

فإن كثيراً من الأسر لا تتقيد فيها الخادمات المسلمات بالحجاب الشرعي

وغير المسلمة بالحشمة ولا يتقيدون بعدم الخلوة وهذا من الحرام،

فقد قال عليه الصلاة والسلام:

( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم )

5- أن تعمل الأسرة على كسب الخادمة، وأن تعمل بكل الطرق

والوسائل على أن يكون للخادمة انتمائية للأسرة، وأن تكون أحد أعضائها،

تحزن لحزنهم وتفرح عند فرحهم وتحب لهم ما تحب لنفسها

وهذه الانتمائية تكون بواسطة المعاملة الحسنة،

وحسن الخلق معها ومنحها حقوقها الشرعية وذلك يحد من سلبيات الخادمة الأجنبية

ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة

فعن أنس رضي الله عنه قال:

[ خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف

ولا لما صنعت ولا ألا صنعت ]

إلا أننا نشجع المرأة أن تبقى في بيتها فإن تربية الأولاد مهمة عظيمة

ووظيفة جليلة كما أن قرار المرأة في بيتها مطلب شرعي.

وللحديث بقية إن شاء الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق