الاثنين، 25 فبراير 2019

الفتور يتبعني فكيف أتخلص منه؟

الفتور يتبعني فكيف أتخلص منه؟

أ. شروق الجبوري

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سأحاول باختصارٍ عرْض مشكلتي التي صارتْ تؤرِّقني كثيرًا،

أنا شابٌّ في مُقتبل العمر، أذكر أنني منذ الصِّغَر كنتُ متفوِّقًا،

وكان المعلمون فخورين بي، ويشيدون بذكائي وتميُّزي،

وكنتُ - بفضل الله - الأول في دراستي!

بدأتْ نتائجي تتراجَع شيئًا فشيئًا، وكان أملي أنْ أعودَ إلى التفوُّق،

فأعقد العَزْم كلَّ عامٍ على ذلك، ولا يمضي شهرٌ أو شهران إلا وتفتر همتي،

وأُصبح مع التلاميذ الذين يهملون الدراسة، فأنزل عن المرتبة

الأولى، ولكني أكون في الرابعة أو الخامسة!

أشعر أنَّ لديَّ طاقاتٍ كبيرةً، ولكني لا أستطيع أن أستخدمها، حتى شككتُ

في قدراتي، وصار هذا الهاجس في كل حياتي؛

في الدراسة، والعبادة، والرياضة، وغيرها.

ففي بداية الدراسة أكتب برنامجي، ويمر العام ولا أحقق 10 في المائة منه،

وأحيانًا لا أحقِّق منه شيئًا، وبعد سلسلةٍ من المحاولات

أيْئَس، وأعود إلى سماع الأغاني.

أحيانًا يعود لديَّ الحماس عندما أُشاهد (فيديوهات) دينيَّة ترفع المعنويات

؛ فيعود لدي الحماسُ والعزيمة، وأشعر أني عدتُ لحالتي الطبيعية،

فأكون سعيدًا ومتفائلًا، وأعمل بجدٍّ، ولكنها حالة مؤَقَّتة، تظل بضع ساعات،

ثم أعود لحالتي الأولى! هذه مشكلتي الأولى.

المشكلة الثانية: أنا شابٌّ وسيم، وجميع أقربائي وأصدقائي يشيدون بذلك،

وهذا يسبِّب لي أرقًا؛ فعند تجوُّلي في الشارع ألاحظ أن أغلب الناس

ينظرون إليَّ، خاصة الفتيات، فكنتُ أظن أنَّ هذا الأمر وسواس،

ولكن هذه مُلاحظة أصدقائي أيضًا، وهو ما سبَّب لي ضعفًا كبيرًا؛ نظرًا لكثرة الشهوات!

أرجو أن تخبروني بالحل، جزاكم الله خيرًا.

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

ابني الكريم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

لقد أصبتَ حين قلتَ في آخر رسالتك: إنَّ حلَّ مشكلاتك يكمُن في ثباتك على المثابرة،

والحفاظ على الحماس في البذل، واستثمار الطاقات.

وهو أمرٌ يُشير إلى اتسامك بالفكر السليم، والقدرة على التقييم

الصائب للأمور، وهو ما يبيِّنه أيضًا سياقُ رسالتك.

فأنت - يا بني – تتمتَّع فعلًا بالذكاء، والميل للاتسام بالمثالية،

ولديك القدرات التي تُعِينك على ذلك.

وإنَّ قيامك بالاطلاع على المحاضرات الدينية، أو قصص نجاح الشباب؛

لِتثير حماسك وهمتك - كان تصرفًا صائبًا لمواجهة ما تُعانيه، ولتحقيق ما تطمح إليه.

لكن مشكلتك الرئيسية تكمُن في نوع الرُّفقة التي تُصاحبهم، بدليل أن

حالك منذ كنت في الابتدائية - وحتى الآن يرتقي ثم ينخفض - بحسب مَن تصاحبهم.

فحين التقيت بصحبة خير حَسُن التزامك، وأصبح لديك شعور بالرضا عن نفسك؛

ولذلك فإنَّ أهم خطوة عليك اتخاذها الآن، هي البحث عن رفاق صالحين،

تتبادل معهم الأحاديث المفيدة، وعندها ستُشغَل فكريًّا بتلك

الأحاديث؛ فتحل محل الأفكار السلبية.

كما أن تلك الصحبة قد تشاركك اهتماماتك وطموحاتك، ومعهم يمكنك الحفاظ

على الحماس والهمة، حين يذكِّر أحدكما الآخر بذلك؛ فالحفاظ على هذه المشاعر

يكون أمرًا صعبًا إذا كانتْ بعيدة عن الجماعة الصالحة.

كما يُمكنك البحث عن مثل تلك الصحبة عن طريق الإنترنت،

من خلال مشاركتك في المنتديات، والمواقع التي تقوم على مثل تلك

الأهداف الحميدة؛ ففيها ستلتقي بشباب يشاركونك طموحاتك وأفكارك،

وتتبادل معهم الخبرات بإيجابياتها وسلبياتها.

وتأكَّد أن طاقاتك وقدراتك هي حقائق موجودة بالفعل لديك، ويؤكد ذلك

أسلوب تفكيرك الذي تبيِّنه رسالتك، وأن الله - تعالى - قد منَّ عليك بنِعَم

أخرى غيرها، فلا تجلد نفسك بتعطِّل استثمارها؛ فإن ذلك سيكوِّن لديك

صورة سيئة عن نفسك، وقد يقود ذلك إلى القنوط والعياذ بالله - تعالى.

ولكن لوم الذات على التقصير، والعزم على التغيير، وتكرار المحاولات،

والاجتهاد فيها مهما واجهت من إخفاق، مع ما قدمته من نصح بالصحبة

الصالحة - هي الخطوات الصائبة، التي يجب أن تتلازم مع الدعاء المستمر

إلى الله - تعالى - ومع اليقين، وحسن الظن بعطائه - عز وجل.

وأخيرًا، أختم بالدعاء إلى الله - تعالى - أن يصلح شأنك كله،

ويحفظك، وينفع بك، وتوَّاقون لسماع أخبارك الطيبة مجددًا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق