الاثنين، 25 فبراير 2019

من فضلك يكفي ... ابتسم


من فضلك يكفي ... ابتسم


تعد إحدى لغات الجسد التي منحها الله لبني الإنسان.

وتعد الابتسامة وسيلة من وسائل الاتصال غير اللفظي لدى الكائن البشري،

فالابتسامة سلاح قوي وفعال يستخدمه الإنسان منذ طفولته للإقتراب

والتودد من الآخرين، فالطفل يتعلمها بعد ولادته بستة أسابيع.

ويشير خبراء الأحاسيس الإنسانية أن الشخص الذي يبتسم كثيراً

يكون له تأثير إيجابي في الأشخاص الذين يستقبلون ابتسامته

أكثر من الشخص الذي يبدو وجهه جادا دائما لذلك يعتبر المبتسمون أناساً

دافئين و دوديين ويمكن القول أن الابتسامة هي واحدة

من أهم العناصر في لغة الجسد التي نمتلكها،فالابتسامة الصادرة من القلب

هي ما تنفرد به الكائنات البشرية عن غيرها من الكائنات.

ويؤكد الباحثون على وجود 18 نوعاً من الابتسامة،

ومن بين هذه الأنواع المختلفة هناك نوع واحد فقط حقيقي ودافئ

هو الابتسامة الصادقة، فكل نوع من هذه الأنواع يرتبط بعضلات الوجه

التي تتحرك حسب نوع وشدة وصدق الابتسامة.

وتعتبر الابتسامة أقل من الضحك وأحسنه وهي عبارة عن انفراج الشفتين

وبروز الأسنان مع انبساط الأسارير، مبيناً أنها طريق مختصر لكسب القلوب

ومفتاح لهداية الكثيرين وباب يوصل إلى النفوس ووسيلة حية للتعبير

عما يجول في خاطر الإنسان تجاه أخيه المسلم .

لا شك أن المسلم في حياته تعتريه اكدار وهموم وأحزان وغموم ،

مما يحتاج حقيقة إلى من يجلوا حلكتها ،

ويخترق ظلمتها بشيء من الابتسامة الرفيعة والضحكة المتزنة

والدعابة المرموقة ، والجدّية سمة بارزة في حياة المسلم ،

وهي مطلب ملح وأمر مهم ، فإذا كانت صارمة فإنها لا تزرع الابتسامة

على الوجه ، ولا تدخل السرور على النفس ..

إن البلسم الناجع والدواء النافع في ترويح النفس وطرد الآلام

وتخفيف الأحزان عن المسلم ، رسم الابتسامة على شفتيه بضحكة

متزنة ودعابة بريئة وابتسامة مشرقة ..

الإبتسامة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم

لقد كان رسول الهدى ونبي التقى محمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه

من أشرح الناس صدرا وأعظمهم قدرا ، وأعلاهم شرفا وأبهاهم وجها ،

وأكثرهم تبسما صلى الله عليه وسلم ، وما كان يتكلف الضحك ،

ولا يختلق الابتسامة ، بل كان يمتلك نفوس أصحابه رضي الله عنهم

بابتسامته المشرقة ، وضحكته البريئة ، الهادئة اللطيفة ،

ليكسب قلوبهم ويفوز بودهم ، ليقبلوا على هديه ، ويرتضوا نهجه ،

ويجيبوا دعوته .

البسمة والإبتسامة

1- عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه يقول :

[ ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي ] رواه البخاري

2- عن سماك بن حرب قال : قلت لجابر بن سمرة :

[ أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

قال : نعم كثيراً ، كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلى فيه الصبح

حتى تطلع الشمس ، فإذا طلعت قام ،

وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم ]

رواه مسلم

أنواع الابتسامة

1- ابتسامة المُغضب :

يقول كعب بن مالك رضي الله عنه في قصة تخلفه

وما كان من شأنه في غزوة تبوك :

[ فجئته أي النبي صلى الله عليه وسلم فلما سلمت عليه تبسم تبسُّم المغضب ]

رواه البخاري

2- ابتسامة المُتعجِّب :

كما في قصة النملة مع نبي الله سليمان عليه السلام إذ يقول الله جل وعلا :

{ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا }

سورة النمل

3- ابتسامة السخرية والاستهزاء والشماتة بالمسلمين :

وقد يصاحب البسمة صوت أو ضحك وقهقهة

كما حكى الله عن قوم موسى عليه الصلاة والسلام في معرض استهزائهم

بآيات الله

{ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ }

سورة الزخرف

4 -ابتسامة الملاطفة والترحيب والمضاحكة

عند تسلية الناس ولقاؤهم :

يقول جابر بن عبدالله رضى الله عنه قال :

[ ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ،

ولا رآني إلا تبسم في وجهي ]

رواه البخاري

5- ابتسامة التفاؤل والأمل والبشارة :

عن أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها قالت :

( نام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً قريباً مني ثم استيقظ يتبسم

فقلت : ما أضحكك ،

قال : أناسٌ من أمتي عرضوا عليّ يركبون هذا البحر الأخضر

كالملوك على الأسرة قالت :

فادعوا الله أن يجعلني منهم فدعا لها ... الحديث )

رواه البخاري

6- ابتسامة النفاق والعياذ بالله :

وهي أكثر ما يروج بين كثير من الناس اليوم إلا ما رحم ربي

فيبتسم هذا لهذا والقلوب في الغالب مليئة بنوع من البغضاء

والشحناء والكراهية .

مواقف باسمة

1. ‏عن ‏ ‏أنس رضي الله عنه ‏ ‏قال :

( أصاب أهل‏ ‏المدينة ‏ ‏قحط على عهد رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم

‏فبينما هو يخطبنا يوم جمعة إذ قام رجل فقال :

يا رسول الله هلك ‏ ‏الكراع ‏ ‏هلك الشاء فادع الله أن يسقينا ‏ ‏

فمد يديه ودعا ،

قال ‏‏أنس : ‏وإن السماء لمثل الزجاجة فهاجت ريح

ثم أنشأت سحابة ثم اجتمعت ثم أرسلت السماء ‏عزاليها ‏

‏فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا فلم يزل المطر إلى الجمعة

الأخرى فقام إليه ذلك الرجل‏ ‏أو غيره ‏

فقال يا رسول الله تهدمت البيوت فادع الله أن يحبسه

فتبسم رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏ثم قال حوالينا ولا علينا،

فنظرت إلى السحاب ‏يتصدع ‏حول ‏المدينة ‏كأنه ‏إكليل )

رواه أبو داود
2. ‏عن صهيب رضي الله عنه ‏قال :‏

( قدمت على النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏وبين يديه خبز وتمر

فقال النبي‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ادن فكل ، فأخذت آكل من التمر

فقال النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏تأكل تمرا وبك رمد قال :

فقلت إني أمضغ من ناحية أخرى فتبسم رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم )

رواه ابن ماجه

فوائد الابتسامة

وتساءل هنا لماذا لا يكون المسلم فرحاً مسروراً ولماذا اختفت الأسنان

بين الشفاه ولماذا توترت العلاقات الإنسانية فيما بيننا ؟،

القلب إذا انقبض والصدر إذا ضاق تعثرت الشفاه ومن أكبر تلك الوسائل

التي استعملها صلى الله عليه وسلم في دعوته هي تلك الحركة

التي لا تكلف شيئاً ولا تستغرق أكثر من لمحة بصر تنطلق من الشفتين

لتصل إلى القلوب عبر بوابة العين فلا تسل عن أثرها في سلب العقول

وذهاب الأحزان وتصفية النفوس وكسر الحواجز مع بني الإنسان

تلك هي الصدقة التي كانت تجري على شفتيه الطاهرتين، إنها الابتسامة.

1 - أنها باب من أبواب الخير والصدقة

( وتبسمك في وجه أخيك لك صدقة )

رواه الترمذي

2 - أنها سبب في كسب مودة الناس ومحبتهم وزرع الابتسامة

على وجوههم

( لن تسعوا الناس بأموالكم ، فليسعهم منكم بسط الوجه )

رواه الحاكم

3 - فيها ترويح للنفس وإجمام للروح ودواء للهموم وذهاب للغموم

( وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة )

رواه الطبراني في الكبير

4- تبعث على الاطمئنان بين المسلمين ،

وتصفي القلوب من الغل والحسد وتجدد في النفس النشاط ،

يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه :

[ إن هذه القلوب تمل كمل تملّ الأبدان ، فابتغوا لها طرف الحكمة ]

5- أنها مظهر من مظاهر حسن الخلق التي يدعوا إليها الإسلام

( لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق )

رواه الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان

6 - فيها تأس بسيد الخلق وأعظمهم خُلُقا

وأكثرهم ابتسامة صلى الله عليه وسلم .

خـتـامـاً

إن الرسول الكريم عليه أفضل الصلوات والسلام أوضح

بأن الرضا سبب عظيم من أسباب سعادة المؤمن الدنيوية والأخروية،

كما أن السخط سبب الشقاء في الدنيا والآخرة فقال:

من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله له ومن شقاوة ابن آدم تركه

استخارة الله تعالى، ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضى الله تعالى له

ولقد كانت نعمة الرضا من العوامل في تلك السكينة التي شملت

قلوب العارفين ومن أقوى الأسباب في محق نوازع اليأس التي يوجدها

التفكير في عدم الحصول على حظوظ الحياة وملذاتها ما يجلب لصاحبه القلق

والحيرة والاضطراب، فكل ما يحبه الله يرضاه منك من الأقوال والأفعال

والظاهرة والباطنة . ينبغي لمن كان عبوسا منقبض الوجه أن يتبسم

ويحسّن خلقه ، ويمقت نفسه على رداءة خلقه ،

فكل انحراف عن الاعتدال مذموم ،ولا بدّ للنفس من مجاهدة وتأديب ...
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق