الأحد، 31 مارس 2019

المال والقلق


المال والقلق
أ. فيصل العشاري
السؤال
♦ الملخص:
شابٌّ عاد إلى أسرته بعد انقطاع طويل، وكان بحوزته مبلغ من المال،
ومع ذلك كان في حالة قلق، وعندما أوشك المبلغ على الانتهاء لم يعد يشعر بالقلق.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ عمري 30 عامًا، كان لديَّ مالٌ كثيرٌ، ثم سافرتُ وأنفقتُ مالي
على الفنادق مع أصدقائي.
منذ زمنٍ وأنا فاقد لأسرتي، ولا أعرف أحدًا منهم، وعندما نزلتُ إلى ذلك
البلد عرفني شخص، وناداني باسمي، وعندما تعرفتُ عليه أخبرني أنه
يعرفني وأنه كان جاري عندما كنتُ صغيرًا في بيت أهلي!
ذهبتُ لأسرتي بالفعل وقابلتُ أمي، لكن كنتُ قد خسرتُ كل مالي،
وقابلتُهم وأنا في حالة صعبة جدًّا؛ ثيابي رثة وغير نظيفة، وجسدي نحيف جدًّا.
كنتُ قبل ذلك أشعر بقيمة المال والنجاح والفشل، لكن بعدما قابلتُ أهلي
لم يعد شعوري بالفشل شيئًا مهمًّا، بل فقدت مشاعري كلها.
وسؤالي: لماذا كنتُ أشعر بالقلق رغم وجود مبلغ كبير في حوزتي،
بينما عندما أوشك المبلغُ على الانتهاء لَم أشعرْ بهذا القلق؟
هل هذا مرض عقلي أو نفسي؟
الجواب
أخي الكريم، تساؤُلك كان: لماذا كنتُ أشعر بالقلق رغم وجود مبلغ كبير
في حوزتي، بينما عندما أوشك المبلغ على الانتهاء لَم أشعر
بهذا القلق؟ هل هذا مرض عقلي أو نفسي؟
يَكْمُن الجواب عن ذلك في التالي:
♦ أنَّ الإنسان ما دام المال بِيَدِه، فإنه يُعلِّق عليه آمالًا كبيرةً، ومِن ثَم
يُساوره القلق إذا ذهَب منه هذا المال؛ لأنَّ آماله ستذهب مع هذا المال أيضًا.
♦ أمَّا إذا قلَّ المالُ أو انتهى تمامًا، فإنَّ آماله تقلُّ أو تكاد تَنْعَدِم،
ومِن ثَم فليس لديه ما يَخاف عليه؛ لذلك تجد أصحابَ الثراء والمال
يَعيشون في قلقٍ وخوفٍ كبيرٍ؛ لئلا تذهب أموالهم، أو يَخسروا في تجارتهم،
بينما تجد العاملَ البسيط يكدُّ ويكدح بالأجر اليومي، ويأكل رزقه
البسيط، وهو مستمتعٌ به، غير قلق ولا خائف!
لذلك ليس لديك مرضٌ عقلي، بناء على هذا التشخيص الذي بين أيدينا؛
حيث لا يدلُّ على وجود مرضٍ عقلي، وإنما حالة طبيعية تَمُرُّ بك كما بينا سابقًا.
وعمومًا نحمد الله تعالى أنه يَسَّرَ لك الاجتماع بأسرتك ووالدتك،
فهذا اللقاءُ في حدِّ ذاته لا تُساويه كنوزُ الأرض، فصلةُ الرحم والبقاء
بجانب الأم مِن أعظم الأمور التي تَتَسبَّب في زيادة الرزق؛
فعن عبدالله بن سلام رضي الله عنه، قال: لَمَّا قَدِم النبيُّ صلى الله عليه وسلم
المدينة انجفل الناس قِبَلهُ، وقيل: قد قَدِم رسولُ لله صلى الله عليه وسلم،
قد قَدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد قَدِم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم،
ثلاثًا، فجئتُ في الناس لأنظُرَ، فلمَّا تَبَيَّنْتُ وجهَه عرَفتُ أنَّ وجهه
ليس بوجهِ كذابٍ، فكان أول شيء سَمعتُه تكلم به أنْ قال:
( يا أيها الناس، أفشُوا السلام، وأطْعِمُوا الطعامَ، وصِلُوا الأرحام،
وصَلُّوا بالليل والناس نِيام، تَدْخُلوا الجنة بسلام )؛
الترمذي (2485)، وابن ماجه (3251) واللفظ له، وأحمد (5/451)،
وذكره الألباني في الصحيحة برقم (456).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:
( مَن كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فلْيُكْرِم ضيفه، ومَن كان يُؤمن بالله
واليوم الآخر فلْيَصِلْ رحِمَه، ومَن كان يُؤمِن بالله واليوم الآخر فلْيَقُلْ
خيرًا أو ليصمت )؛
البخاري الفتح 10(6138) واللفظ له، ومسلم (47).
نسأل الله تعالى أن يُيَسِّرَ أمرك، وأن يشرحَ صدرك،
وأنْ يُزَوِّدك التقوى والله الموفق
منقول للفائدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق