الجمعة، 5 أبريل 2019

تقدم إلي خاطبان فأيهما أختار؟

تقدم إلي خاطبان فأيهما أختار؟

أ. مروة يوسف عاشور

السؤال

♦ الملخص:

فتاة تقدَّم إليها خاطِبان، كلاهما على خُلق، وحالتهما المادية في

الدرجة نفسِها، لكنَّ أحدَهما كان متزوجًا قبل ذلك، وانفصَل عن زوجته

لأسباب صحية، وهي محتارةٌ بينهما، وتسأل ماذا تفعَل؟

♦ التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أنا فتاة خُطِبت لمدة ٤ سنوات لرجلٍ أُحِبُّه، كان يتعافى من المرض، ثم

فسَخ الخِطبةَ قبل الملكة بيوم لتَعبِه ومرضِه، فعِشْتُ حالةً نفسية سيئةً،

وقد دلَّتْني صديقتي على رجل منفصل عن زوجتِه وله طفلان، دَخْلُه قليلٌ،

لكنَّه ذو خلق، فتواصلتُ معه على الهاتف ٣ أشهر، وخرَجنا معًا مرةً،

فأعجَبني مَنطقُه وهُدوؤُه! وعرَفتُ منه أن سببَ الطلاق هو وجودُ مرضٍ

وراثي لدى ابنه الكبير، وقد طلَب منه الأطباءُ الانفصالَ عن زوجته؛

لأنهما أبناءُ عمٍّ!

أتى إلى بيتنا وتَمَّت الرؤيةُ الشرعية، وارتاحَ كلٌّ منا للآخر بشكلٍ أكبرَ،

وقد اشترطتُ عليه عدمَ استقبالي لأبنائه، وفي الوقت نفسِه تقدَّم إليَّ

شابٌّ من مجتمعنا نفسِه، وحالتُه المادية مثل حالة المتقدِّم الأوَّل،

يعمَل موظفًا بمؤهل الثانوية، ويَطمَح إلى إكمال دراسته، وأهلي

يُفضِّلونه؛ لأنه لم يَسبِقْ له الزواجُ، علمًا بأن كلا الخاطِبَين على خُلقٍ جيد.

صِرتُ في حيرةٍ مِن أمري، فماذا أفعل؟

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أيتها الكريمة حيَّاكِ الله، يَحِق للفتاة أن تتخيَّر من الصالحين مَن يُناسبها،

ويَحِق لها أن تكون صاحبةَ القرار الأول في أمرِ الزواج، ولكن لا يَحِق

لها ولا لِمَن أرادَ خِطبتَها أن يتواصَلا عبرَ الهاتف، وأن تَخرُج معه قبل

أن يكونَ بينهما أيُّ رباطٍ شرعي، لمجرد أنها تريد أن تَعرِف شخصيته

وتتعرَّف عليه عن قُربٍ، ولستُ أدري كيف يَجتمع في ذلك الشاب الخُلقُ

الحسن، ثم يتواصَل مع النساء الأجنبيَّات،

وتستمر العلاقة الهاتفية لمدة ثلاثة أشهر كاملة!

فعليكِ قبل الاختيار أن تتوبي مِن كل مكالمة هاتفية لا تَحِلُّ لكِ مع

رجلٍ يبتغي أن يكون زوجًا لكِ، وفي ذلك مِن الفتنة ما فيه،

واعلَمي أنه لا ينبغي أن يكون الحديثُ معه إلا في

حَضرة الأهل، وعلى مَرأَى ومَسمعٍ منهم.

لستُ أرى في حديثكِ ميلًا لأحدهما عن الآخر، وأخشى أن تكون مَحبَّةُ

الخاطب الأول - نسأل الله له العافيةَ والسلامة - قد تمكَّنتْ مِن قلبكِ،

فحجَبتْ عنه محبةَ غيره، وجمَّدت المشاعر تُجاه الجميع.

فإن كان هذا حالكِ، فلا بد مِن التعافي أولًا مِن مَحبَّتِه قبل أن تَدخُلي

بيتَ الزوجية بقلبٍ يَخفُق لغير زوجكِ.

وأما عن الخاطِبَين، فإن لم يكن في قلبكِ ميلٌ لأحدهما عن الآخر،

واستوى بينهما في نظركِ الدين والخلقُ، فيُنظَر في حالتهما الاجتماعية،

ولا شك أن الشاب أفضلُ للفتاة من المتزوِّج، وأن كِفَّته تَرجُح لخُلوِّه

من مسؤولية الأبناء ونفقتهم ورعايتهم، وغيرها من الأمور التي

لا تنتهي بانتهاء زواجه، خاصة أن الزوجة كانت على صِلة قرابةٍ منه،

وسيبقى حَبلُ الوُدِّ بينهما، ما لم يَحدُث بينهما ما يقتُل تلك المحبةَ،

ويُطفئ نارَها في القلوب، كما أن الرجل إذا سبَق له الزواج،

فقد يطرَأَ على قلبه وفِكره بعضُ المقارنات بين الزوجتين؛

كأن يتفوَّه بما لا يُرضيكِ من حيث المقارنة، فعليكِ أن تضَعي مثل ذلك في

ذهنكِ، وأن تتقبَّلي ما قد يَصدُر منه عن غير قصدٍ سيِّئ.

فإن بدا لكِ أن كلاهما متعادلٌ، وأنكِ تُدركين تلك الأمور وتتقبَّلينها،

فانظُري في قلبكِ، وفتِّشي فيه عن ميلٍ قد

لا تُلاحظينه، ثم دَوِّني إيجابيات وسلبيات

كلِّ واحدٍ في ورقةٍ، وانظُري أيهما أصلح وأنفع، مع التشاور مع الأهل

والأصحاب، والاستماع لرأي مَن له خِبرةٌ مِن كِبار السنِّ، وإن كنتُ

أُؤيِّد الأهلَ في أن مَن لم يَسبِق له الزواجُ أفضلُ،

إلا أن القرار النهائي لكِ، فهذا حقٌ شرعي كفَله الله لكِ.

ولا تَنسَي صلاة الاستخارة، والدعاء بأن يُرشدكِ علامُ الغيوب إلى

ما فيه الخير والسعادة في الدنيا والآخرة، وإليكِ دعاء الاستخارة للتذكير؛ عن

جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلِّمنا

الاستخارةَ في الأمور كلِّها كما يُعلمنا السورة من القرآن، يقول:

( إذا هَمَّ أحدُكم بالأمر، فليركَع ركعتين مِن غير الفريضة، ثم ليقُل:

اللهم إني أَستخيرك بعلمك، وأستَقدرك بقُدرتك، وأَسألك مِن فضلك العظيم،

فإنك تَقدِر ولا أَقدِر، وتعلَم ولا أعلَم، وأنت علامُ الغيوب، اللهم إن كنتَ

تعلَم أن هذا الأمر خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال:

عاجل أمري وآجله، فاقْدُره لي ويسِّره لي، ثم بارِك لي فيه، وإن كنتَ

تعلَم أن هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال:

عاجل أمري وآجله، فاصرِفه عني، واصرِفني عنه، واقدُر لي الخير

حيث كان، ثم أرْضِني به، قال: ويُسمِّي حاجته ) .

فما خاب مَن استخار، وما ندِم مَن استشار، واللهَ أسألُ أن يَكتُبَ لكِ التوفيقَ،

وأن يُلهمَكِ الصوابَ، وأن يَرزُقَكِ حياةً زوجيةً سعيدةً هنيئةً.

والله الموفِّق وهو الهادي إلى سواء السبيل.

منقول للفائدة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق