الثلاثاء، 16 أبريل 2019

الخروج من الدائرة المغلقة وإعادة تأهيل النفس

الخروج من الدائرة المغلقة وإعادة تأهيل النفس

أ. لولوة السجا

السؤال

♦ الملخص:

فتاة أَهمل والداها في تربيتها، وأدى ذلك إلى ابتعادها عنهما، وهي تريد أن تعيشَ بعيدًا،

وتخرج من دائرتها التي كانت فيها، وتبني نفسها من جديد،

ولكنها في الوقت نفسه تخاف على والديها إذا تزوجت.

♦ التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة في الثلاثين مِن عمري، أُعالَج نفسيًّا منذ كان عمري 14 عامًا، والحمدُ لله على هذا الابتلاء.

كنتُ أستعين على هذا المرض بالقرب مِن الله والدعاء، حتى وصلتُ إلى مرحلة الرضا عما أنا فيه.

مشكلتي أنَّ والديّ ليسا أسوياء نفسيًّا؛ فقد تعرَّضْتُ كثيرًا لقهرٍ، وإرهابٍ نفسيٍّ، وإهمال منهما،

خاصة من والدِي، مع أنه في الفترة الأخيرة اعتذر، لكني لا أُكنّ له مشاعرَ الابنة،

بل أشعر أنه رجل غريب عني!

قرَّرتُ أن أعالج نفسي، وألَّا أرضَخَ لتلك الضغوط التي يُمارسها عليَّ والداي،

وبالفِعل بدأتُ أقرأَ القصصَ الدينية، والقرآن وأتدبَّر مَعانيه، والحمدُ لله غيَّرْتُ مِن نفسي كثيرًا.

كنتُ أرفُض فكرةَ الزواج بالكليَّة، لكن بعدما تحسنتْ حالتي بدأتُ أُفكِّر مرةً أخرى في الزواج، رغم أنَّ والدِي لم يتحدَّثْ معي في هذا الأمر، فهو يَخشى أنْ أُصابَ بِمَكْروه، لدرجة أنه عندما يَتقدَّم لي أحدٌ لا يُخبرني!

في داخلي صراعٌ رهيبٌ، ولا أدري ماذا أفعل؟ أخاف ألَّا أَتَحَمَّل الزواجَ والأولادَ، وأنْ يُلهيني الزواج عن عبادةِ الله، كما أني إذا تزوجتُ فلِمَنْ أترُك والديَّ؛ فلديَّ أختٌ شديدة السطحية، لا تتحمَّل أية مسؤولية، ولديَّ رغبةٌ شديدة في الهِجرة في حالة قبول فكرة الزواج؛ فهذا هو شرطي، ولا أريد أن أكونَ عاقةً لأبي وأمي، وفي الوقت نفسه لا أريد الحياةَ في بلدي.

قررتُ أن أذهبَ إلى طبيبةٍ نفسيةٍ دون عِلْم أحدٍ، وبدأتُ أفكِّر في ممارسة الرياضة لأبنيَ نفسي بدَنيًّا.

وأخيرًا: والداي ليس لديهما أدنى فكرة عن حياتي الشخصية، ودائمًا أكذب عليهما لكِبَر سنِّهما، ولا أريد أن أدْخُلَ معهما في نقاشٍ حادٍّ مراعاةً لمشاعرهما.

الجواب

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فكما ذكرتِ هذا ابتلاءٌ، لكنه ولله الحمد ليس ابتلاءً شديدًا حماك الله.

جميلٌ ما وفقك اللهُ إليه مِن توجُّهٍ ديني وثقافي، وحِرْص على الخروج مِن الدائرة، وإعادة تأهيل النفس، وثقي أن الله لن يُخيبك؛ فاللهُ يُحب المؤمنَ القوي والمتفائل، وذلك كله دليلُ حُسن ظن بالله، على أنه قادر على تغيير حالك.

نأتي لمسألة الزواج، أنا أقول: إنْ تَقَدَّم لك الرجلُ الكفء؛ فلا تَتَرَدَّدي

في القبول، ويمكن أن تشترطي عليه السكن قريبًا مِن والديك؛ لِيَتَيَسَّر لك خدمتهما، ولا تربطي الأمورَ ربطًا خاطئًا؛ فالزواجُ لا يَتعارض مع ما ذكرتِ، بل قد يكون مُعينًا عليه، وذلك إضافة إلى احتساب الأجر في الزوج والأبناء.

أنا أستغرب حقيقةً مِن رغبتك في مُغادَرة البلد في حال الزواج، برغم أنك تحملين هَمَّ القيام بشؤون والديك، لدرجة رفض الزواج، فكيف يتفق ذلك؟!

المطلوب منك الآن أن تنظُري للأمام بعين التفاؤل بأنَّ القادم أجمل، وأن تُوكِّلي الأمور إلى الله، وأن تحتسبي ما تفعلينه، بل أن تستمتعي بهذه النعمة العظيمة (نعمة القيام بخدمة الوالدين)، والتي سترين أثرها عاجلًا وآجلًا بإذن الله.

أكثري مِن تلاوة القرآن، والسماع لأهل العلم، ولا تخافي ولا تحزني وأبشري

منقول للفائدة




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق