الأربعاء، 17 أبريل 2019

تقدمت لفتاة أكثر مني علما ولكني متردد

تقدمت لفتاة أكثر مني علما ولكني متردد

أ. مروة يوسف عاشور

السؤال

♦ الملخص


شابٌّ تَقَدَّم لفتاة للزواج منها، فوجدَها متدينةً وأكثر منه علمًا بأمور الدين، ويسأل: هل أُكمل معها أو لا؟

♦ التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تقدَّمتُ لخطبة فتاة مُنتقبة ومتدينة، وجلستُ معها الجلسةَ الأولى في وُجود الأهل وتحدَّثتُ معها؛

وجدتُ مِن خلال حديثي معها أنها أكثر مني تدينًا،

وأكثر علمًا مني بأمور الدين.

ما يُقلقني أنها أكثر مني تدينًا وعلمًا بأمور الدين، وربما يكون هذا سببًا

لأن تتكبَّر عليَّ بعد الزواج، فما رأيكم هل أُكمل معها أو لا؟

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أخي الكريم حياك الله، كأني بك أيها الفاضل تخشى أنْ يُؤثِّر دينُها، وتنال طاعتُها مِن قوامتك،

وتنتقص مِن قدرك كزوجٍ، ومكانتك كراعي البيت الأول، ومَن له الكلمة والطاعة فيه.

أُبشِّرك بكل خيرٍ، وأدعو الله لك ولها بصلاح الحال، وأن يُؤلِّفَ بين قلبيكما،

ويُقر عينكما ببيت صالحٍ يكون لَبنةً طيبة في مجتمعنا الإسلامي،

وأن يبارك لكما وعليكما، ويجمع بينكما في خير.

قد تخشى أن تتكبَّرَ عليك ذات الدين لأنها أعلى منك دينًا، فهل كنتَ ستخشى أن تَتَكَبَّر عليك لو كانتْ ذات جمال شديد؟ أو ذات مالٍ كثير؟ أو ذات حسبٍ ونسب ومكانة عالية في المجتمع؟ أو أنك لم تكنْ لتحملَ همًّا لذلك كله، وكنت ستسعد به، وتراه عونًا لك على فِتَن الحياة بالجمال أو نوائبها بالمال، أو ضوائقها بالحَسَب والمكانة الاجتماعية؟

رُوِيَ عن سعيد بن المسيب أنه كانتْ له ابنة ذات جمالٍ ودين، وقد خَطَبَها الوليدُ بن عبدالملك بن مروان، فأَبَى أن يُزوِّجها، وآثر أن يُزوِّجَها أحد تلاميذه الفقراء، فلما أصبح زوجها هَمَّ بالخروج، فقالتْ له ابنة سعيد: إلى أين؟ قال: إلى حلقة سعيد لأَتَعَلَّمَ عليه، فقالت: اقعُدْ أُعلِّمك عِلم سعيد! وقد كانتْ ذات عِلم ودين، وسعد بها زوجُها!

يا أخي الفاضل، إن كانتْ تلك الفتاة صاحبةَ دين بحقٍّ، ولم تكن ذات بريقٍ مِن الخارج، خاوية من الداخل، فدونك والزواج منها، ولا تخشَ ما يُوسوس إليك به الشيطان، لكن عليك أن تَتَثَبَّت مِن دينها وخُلقها بوقتٍ كافٍ من الخِطبة، والتعامل مع الأهل لتنظرَ منبتَها، وتستيقنَ نشأتها، وتَطَّلِع على حال بيتها وأهلها.

أنصحك بعد ذلك أن تحفظَ مكانتك عندها، فلا تُرخِ الحبل، ولا تشده فيَتَمَزَّق، وكن هينًا لينًا، حسن المنطق، كريم الفعل.

احفظْ مكانتك عندها بالاطلاع على حقوقك في الإسلام، واحفظْ لها حقوقَها، وابذلْ لها مِن كريم الأخلاق وفضائلها ما يَصرِف عنها وسوسةً قد تُصيبها أيضًا بأن الزواج مِن طالب علمٍ كان خيرًا لها؛ فقد قبلتْك زوجًا، وارتضتْك مِن دون سائر الرِّجال؛ لأنها رأتْ فيكِ صلاحًا، وأحسَّت ميلًا قلبيًّا، فلا تُضل تلك الرؤيا، ولا تكسرْ ذلك الميل، وكن لها عونًا على نوائب الحياة؛ بحنانك، وعطفك، وجميل أخلاقك، وتقبَّلْ منها النصح دون تكبُّرٍ أو استعلاء، فلا يستلزم أن ينصَحَ الأعلى منزلةً مَن هو أقل منه منزلة، ولا يُشترط بمن دعا لخيرٍ أو أمر بمعروف أنه الأفضل دائمًا، وكم مِن ولدٍ يَنصح والده ويكون سببًا في هدايته!

تلك نعمةٌ امتن الله بها عليك؛ فاحمد الله، وتَوَكَّلْ عليه، واستَخِرْه في أمرك، فإنْ رأيتَ ميلًا للقبول فلا تجعلْ للشيطان عليك سبيلًا.

والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل

منقول للفائدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق