الأحد، 28 أبريل 2019

تعلقت بشاب ثم رفضها

تعلقت بشاب ثم رفضها

أ. مروة يوسف عاشور

السؤال

♦ الملخص:

فتاة تعلَّقَتْ بشابٍّ، ونشأتْ بينهما علاقة حبٍّ، ثم رفضها الشابُّ وشتَمَها، ورفض أن تكونَ زوجته، وهي ترى أنه ظَلَمَها!

♦ التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة جامعية، طوال فترة الكلية لَم أَكُنْ أكلِّم أي شابٍّ، إلا في حدود الدراسة،
وأيُّ شابٍّ كان يفتح معي موضوعَ الزواج كنتُ أرفض نهائيًّا، وكثيرًا ما كنتُ أرفض الارتباط إلا برباطٍ رسميٍّ وبمعرفة الأهل.

كنتُ أرفض فكرةَ الحب، ولم تكنْ في رأسي لأنَّها في اعتقادي حرامٌ،

وكنتُ أتمنَّى مِن داخلي أن يرزقني الله بشابٍّ أُحبُّه في الحلال.

قابَلَني شابٌّ، وأخبَرَني بحبِّه لي، ويُريد أنْ يُكلِّمَ أهلي للزواج، وأخبَرني

أنه ظَلَّ يُراقبني لمدة عام ونصف ليرى تصرُّفاتي! ولَمَّا تأكَّد مني أخبَرني بمُرادِه، فأخبرتُ أهلي بالأمر، وأخبَرهم أن أمامه عامًا ليَتَقَدَّم.

نشأتْ بيننا علاقة عاطفية، وحصلتْ بيننا مشاكل كثيرة، ولم أجِدْهُ يهتم الاهتمام الكافي، بل يعتذر كثيرًا بانشغاله،
ويَطْلُب مني أن أطمئنَّ عليه وأتصل به، وهو لا يتصل ولا يسأل!

وَجَدْتُ منه إهمالًا، فطَلَبْتُ منه إعادةَ التفكير والاستخارة، لكنه رفَض هذا الكلام، فاعتذرتُ له عن تسرُّعي،
لكن بعد مدة أخبَرَني أنه لم يَعُدْ يَرْغَب فيَّ، ولا أصلُح أن أكونَ زوجته، وأنه لم يَعُدْ يُحبني، ولا يريدني،
ثم فجأة قام بحذفي مِن وسائل الاتصال الاجتماعي، وقام بعمل (حظر)!

أرسلتُ له أني لا أُسامحه، وقلتُ: حسبي الله ونِعم الوكيل،

فقام بأَخْذِ كلامي وأخبَر به أصدقاءَه.

أنا لا أستطيع أنْ أكرهه رغم كلِّ ما فعله، ولا أستطيع أن أُخرجه مِن تفكيري، ولا أذكُر له شيئًا سيئًا فَعَلَهُ معي.

أنا الحمدُ لله أصلِّي، وأقوم الليل، وأستغفر، فأخبِروني ماذا أفعل لأنساه؟ وهل هذا الشاب ظلَمَني بأفعاله؟

الجواب

بُنيتي العزيزة، حياكِ الله.

لقد ظلمتِ نفسكِ قبل أن يَظلمكِ هو، وارتكبتِ في حقها ما يَستلزم منكِ التوقُّف والتأمُّل في حالكِ مع الله،
وفي وضعكِ بعد أن كنتِ تؤمنين بحرمة وخطورة التحدث إلى الشباب، وما آل إليه حالكِ الآن مع ذلك الشاب،
وتصديق دعواه برغبته في الارتباط بكِ! ولعله كان صادقًا، ولكن مع مرور الوقت وتهاونكِ في التعامل معه باسم الارتباط - تنافرتْ مشاعره،
وتباعدت عواطفه، وزهد فيكِ، كما هو حال غالب الرجال حين يتمنون فتاةً يَرَوْنَها بعيدةَ المنال، عسيرةَ الوصول،
فإذا ما ظفروا منها بما كانوا يحلمون به؛ زهدوا فيها، ورغبوا عنها إلى غيرها!

عزيزتي، الحياةُ قاسية، وأهلها ظالمون إلا مَن رحم الله، وإن لم نجدْ مِن السُّبل ما نحمي به أنفسنا من عدوانهم وبغيهم،
فلن يكون ثمة ما يَمنعهم مِن التعدي علينا، وانتهاك حقوقنا دونما رحمة.

ما أنصحكِ به قد تعجزين عنه؛ فقد حقَّر شأنكِ، وباع وُدكِ، وأهانكِ، ثم تقولين: لا أذكر له إساءة فعلها معي؟ فلو أن هذا حال الزوجات مع

أزواجهنَّ لصلحتْ بيوتُ معظم المسلمين واستقام حالها!

دعيني أقسو عليكِ كما فعل، ولكنها قسوة لصالحكِ كقسوة الأمِّ على ابنتها التي تراها ستسقط مِن أعلى النافذة أمامها،
ولا تجد إلا أن تجذبَها بقوةٍ وعنفٍ حتى تعودَ، ولو جَرَحَتْها أو آلَمَتْها.

أنتِ تصلين وتصومين وتقومين الليل وتستغفرين، لكن قلبكِ مع رجلٍ لا يستحق ذكر اسمه، فضلًا عن حبكِ ورغبتكِ فيه،
فعليكِ أن تُصحِّحي صلاتك، وتراجعي عباداتكِ التي تستلزم عَمَل القلب مع الجوارح، ولا يكتفى بواحد دون الآخر فيها؛
فالصلاةُ إن لم تخفِّفْ وتُهَوِّن ويكن فيها السلوى عن كل بلية، والرضا بكل مصيبةٍ دون مصيبة الدين،
ففيها ما يحتاج إلى إصلاح، قبل أن نلقى الله بصلاة ناقصة يعمل فيها الجسد دون القلب.

وحَرِيٌّ بالمسلمة القوية أن تكونَ أكثر حرصًا على نفسها، وأن تُقبِل

على شأنها، وألا تتوقفَ عند علاقةٍ عاطفية لم تتم، وعند زواجٍ لم يُكتَبْ

له الاستمرار، وأين أنتِ مِن قولكِ في صلاة الاستخارة: (واجعل لي الخير حيث كان، ثم رضني به)؟
لقد أتتكِ نتيجة الاستخارة التي كنتِ تعنين بها

أنكِ تُفوِّضين الأمر كله لله، وتسألينه التوفيق فيه أو في غيره، أترفضين اختيار الله لكِ؟

ليس لكِ الآن إلا أن تُعلني التوبة مِن تواصلٍ لم يكن لكِ، وتعامل مع رجلٍ لا يحلُّ لكِ، وأن تستفيدي مِن ذلك الدرس،
وتكوني أقوى في مواجهة أية فتنة، فالمواقفُ تُعلِّم ما لا تُعلِّمه النصائح، والفتاةُ التي انخدعتْ بأحاديثَ معسولةٍ وأقوالٍ مزيفةٍ لن تقعَ فريسةً مِن جديد.

أقبلي بُنيتي على حياتكِ بتفاؤل وأملٍ، واحمدي الله أن نجاكِ من رجلٍ لا يَصْلُح أن يكونَ زوجًا،
ولا يؤتمن أن يكون أبًا، وعودي إلى نفسكِ، واستعيدي عافيتكِ وجمال روحكِ، وفكِّري في مستقبلكِ،
الذي أسأل الله تعالى أن يجعله مُشرقًا مُشمسًا، تملئينه بالنجاح، وتعمرينه بطاعة الله وتوفيقه بإذن الله.

والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل

منقول للفائدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق