الأحد، 9 يونيو 2019

مصلحتي أم كرامتي..؟ (الجزء الثانى)

مصلحتي أم كرامتي..؟
(الجزء الثانى)


نعيش بكرامتنا

واعتبر د.محمد حسن عاشور

- مستشار تربوي وخبير التنمية البشرية- أنّ الإنسان يعيش بكرامته،

متسائلاً: كيف نتصور قدرة بعض البشر على الانتقاص من كرامة

وعزة أنفسهم؟

كاشفاً أنّه وبكل أسف أصبحت هناك ثقافة سائدة عند الكثير في

المجتمعات المادية

أنا ومن بعدي الطوفان

، بمعنى المصلحة الشخصية وتغليبها، وأصبحت كثير من العائلات

تربي أبناءها على هذا المبدأ:

مصلحتك فوق كل شيء وقبل كل أحد

؛ مما يشجع روح الأنانية في النفوس، وبالتالي عدم الاكتراث للمبادئ والقيم،

ومحاولة انتهاز الفرص، بل وانتزاعها ممن هم أولى بها،

خاصة في مجال العمل والسلم الوظيفي، فنجد بعض الأشخاص مستعداً للكذب،

والنفاق، والغش، والغيبة، وغيرها من الآفات الاجتماعية؛

حتى يحقق أهدافه من دون الاهتمام بالآخرين، وكفاحهم، ونجاحاتهم.

وقال: في الواقع تعد مسألة تغليب المصلحة على الكرامة أمر خطير ما

يقع فيه من تغيب للقيم والمبادئ الإنسانية، وتغيب المعايير والموازين،

ويبقى هناك سؤال لكل من وجد نفسه في دائرة الاختيار ما بين

أحدهما: متى مصلحتي تدعم كرامتي، ومتى تنتقص منها؟

وهذا سؤال مهم يجب أن يسأله الشخص لنفسه قبل الإقدام على أي عمل ،

موضحاً أنّ المفترض أنّ فصل كرامة الإنسان عن المصلحة بحد

ذاته أزمة، فالحفاظ عليها من المصالح العليا للإنسان،

وهي الإنصاف من النفس، والاستقامة، معتبراً ما نعيشه اليوم

هو

نتاج الغزو الفكري الرأسمالي، الذي يعزز الفردية، ويوجهها

حيث يشاء، فتتغلب المصلحة على الدين، الذي بدوره يعزز الكرامة.

الكرامة أولاً!

وأكّد د.خالد المنيف - خبير التنمية البشرية- على أنّ لا قيمة للحياة

إلاّ بالعيش تحت ظل القيم، ولا سعادة ولا نجاح إلاّ بوجود مبادئ تحكم

الحياة وثوابت نستظل بها، فالمتأمل في سيرة العظماء والذين خلدهم

التاريخ هم أشخاص تمحوروا حول كرامتهم، ولم يساوموا عليها،

وهم من أبقوا أثراً، وتركوا بصمة، مبيّناً أنّه من المهم تعلية

قيمة الكرامة في الحياة الزوجية، حيث أنّ المرونة في هذا الجانب

هي الخيار الأفضل، الذي يسيّر الحياة، ولو أنّ الطرفين تمسكا

بموضوع الكرامة من دون تقديم أي تنازلات لم تستمر الحياة، وتعطلت من

أول مطب.

وأضاف أنّه ربما يكسب ممن يغلبون مصالحهم على كرامتهم بعض المواقف،

إذا ما تنازلوا عن ثوابتهم ومنها كرامتهم، ولكنه يظل

مكسبا زهيدا وفوزا يسيرا، طبعه الهشاشة وربما صاحبه تأنيب

وخزات قاسية للضمير، تنسي لذة المكسب، فالإنسان إذا خسر

كرامته خسر كل شيء معها؛ لأنّ لا شيء يوازي الكرامة في الحياة،

لافتاً إلى أنّ ضرر تلك التصرفات متعد حتى على من حوله،

فهو من جانب آخر يزعزع ثقتهم فيه، بعد أن كانوا ينظرون له

بكل احترام وتقدير، كما قد يخسر ويفوت على نفسه الكثير من

الفرص الحياتية والوظيفية، إضافة إلى أنّ هناك من ينظر له كقدوة،

ونموذج، وأسوة حسنة، ويتتبع تصرفاته، ويراقب تحركاته،

وربما يتأثر بالسلوك المهين، معتبراً أنّ اختياره المصلحة على

حساب الكرامة سيترتب عليه أزمات نفسيه تعصف بالشخص،

وتجعله حبيس الندم والأسف.

وأشار إلى أنّ الإنسان إن تنازل لمرة واحده سيتنازل ثانية، وثالثة،

والاشكالية الكبيرة أنّ من يتنازلون عن كرامتهم يضعون لها غطاء

بما يسمونه

منطقة الفكر

، أي يضعون لها منطقا وكثيرا من المبررات والحجج؛ لذلك دائماً

أصحاب القيم والثوابت والقوانين هم الذين يكسبون، مشدداً على

ضرورة حرص الشخص ما أمكن على تغليب كرامته، والتشبث بها،

والقتال من أجلها، موصياً تعليم الصغار كيف يحمون كرامتهم،

ولا يتنازلوا عنها، وهذا يحتاج إلى نماذج كثيرة،

أهمها: صورة وتصرفات المحيطين به من الكبار.

نورة العطوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق