الخميس، 13 يونيو 2019

خُلق يرفع قَدرك


ايمانيات

خُلق يرفع قَدرك

خلق الاعتذار ، الذي صار بين الناس شينة ، وأصبح حامله يوسم بالضعف والخوف ،

بعد أن كان شيمة ونبلا ، ودليلا على القدرة والشهامة .

وحديثي عن هذا الخلق لن يفهمه إلا أصحاب النفوس الكبيرة ،

الباحثون خلف راقي الأخلاق وكريم الصفات وسديد السلوكيات .

فالاعتذار قيمة كبيرة , وخلق نبيل قويم ,

ودليل على العلم والثقافة والفهم والأدب والرفعة وعلو القدر,

فلا يعتذر إلا الأدباء الفقهاء أهل الأخلاق والذوق ,

وإنما يهمله ويقصر فيه المتكبرون والجهال .

وهو فعل الفضلاء قدرا ومكانة , فالسافلون واسقاط المتاع من الناس

لا يأبهون بمن آلموهم أو آذوهم أو أخطؤوا في حقوقهم وتعدو عليهم .

و الاعتذار ليس مجرد قول باللسان , بل هو سلوك ,

وتصحيح للأخطاء , ورتق للفتق , وجبر للكسر بقدر الاستطاعة ,

أما مجرد الكلام بالاعتذار فهو غير مجد في كثير من الأحيان وغير شاف لآلام الأخطاء .

وأحق الناس بالاعتذار كبار القوم إذا أخطؤوا وقادتهم إذا زلوا ,

وعلماؤهم إذا غفلوا , ودعاتهم إذا قصروا ,

والعائلون إذا كسلوا أو فرطوا , فهؤلاء يكون اعتذارهم نشر للفضيلة وتقويم للمسيرة .

والاعتذار إقرار بالخطأ , ومن ثم فهو يحتاج صدقا مع النفس ,

ومجابهة شجاعة مع الذات , يراجع المرء فيها ذاته وسلوكياته ,

فيعرف سلبياته ونواقصه وامراضه , ومن ثم يعرف ما أخطأ فيه .

كما أنه يحتاج معرفة للحقوق والواجبات من نفسه للآخرين ومن الآخرين عليه ,

فلا يتصور نفسه دائما موضعا لآداء الحقوق , غافلا عن واجباته ,

وإنما يوازن بين ماله وما عليه , بل ويقدم ما عليه على ما له .

فمن أخطأ في حق الوالدين لزمه معرفة حقوقهما عليه حتى يقدر قدر الخطأ ,

وكذا القول في حق الصديق والجار والزوجة وغيره , ومن ثم يعلم أهمية الاعتذار

والاعتذار حق للناس علينا إن نحن أخطأنا معهم ,

إذ بالخطأ نضع أنفسنا موضع الظالم ونضع الناس موضع المظلوم ,

وقد يكون ذلك الخطأ مؤثرا آثارا سلبية على نفوس الناس أو علاقاتهم أو

معاشهم وارزاقهم , فلا يظنن أحد أن الاعتذار هو مجرد تفضل منه ,

أو أنه مجرد ذوق وأدب عابر ..

والاعتذار لا ينقص من منزلة المرء ولا يهز مقامه ,

وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان يظن أنه لا ضرورة لتأبير

النخل أشار بعدم تأبيرها. ثم قال بعد ذلك:

"إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظنًا،

فلا تؤاخذوني بالظن" رواه مسلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق