الجمعة، 13 سبتمبر 2019

كيف أكون طيبة وأبر والدي؟

كيف أكون طيبة وأبر والدي؟

أ. لولوة السجا
السؤال
♦ الملخص:
فتاة تُعاني من عدة مشكلات؛ منها: فقدان الثقة بالنفس، وكُرهها
لوالديها بسبب إهمالهما لتربيتها، وتريد أن تبرَّ والديها وتطور نفسها.

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أُعاني مِن أشياء كثيرة؛ منها: كُرهي لأهلي، فلا أحبُّ أبي وأمي؛
لأنهما لم يهتما بتربيتي، وكنت مع الخادمة دائمًا، فلم أتحمَّل
المسؤولية، ولا أدري عن الحياة أي شيء، يظل البيت بالأشهر
غير نظيف، ولا أستطيع أن أمد يدي على شيء لأني لم أتعلَّم ذلك،
ولأن أهلي فوضويون جدًّا، وهكذا يعيشون.
كذلك لا يقبلان مني أي كلام، وتراني أمي عاقة لها ولستُ على قدر
الفخر بي، مِن داخلي أتمنى أن أبرهما، لكن لا أستطيع، أو بمعنى أصح:
غير قادرة على هذا البر؛ لعدم محبتي لهما، وأصبح
كلُّ أملي أنْ أُسافرَ بعيدًا عنهما، فلا أريد رؤيتهما.
أعاني كذلك مِن قلة الجمال، فمَن يراني يقول عني: قبيحة،
وهذا للأسف يؤثر على حياتي بشكل كبير، فأصبحتُ لا أُحبُّ الخروج،
ولا رؤية الناس، وأغار مِن أختي لأنها أجمل مني، وأقارن نفسي بها،
وربما وصلتُ إلى تمني الشر لها حتى لا تكون أفضل مني.

أشعر بنقصٍ كبيرٍ في حياتي، وفقدان الثقة بنفسي، وكرهتُ حياتي،
وتعبتُ مِن داخلي، أخبِروني كيف أكون طيبة وأبر والديَّ؟

الجواب
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فأصلح اللهُ حالك، وأراح بالك.

يا بُنيتي أولًا قولي: الحمد لله، ثم استغفري مما قلت ومما
تمنيت مِن أمنيات لا تعود عليك بأيِّ نفعٍ، بل العكس.
يا بُنيتي، هل تعلمين أنه بخطوةٍ واحدةٍ بإذن الله يُغَيِّر الله كل شيء؟
هل تؤمنين بقدرة الله وبرحمته ولطفه بعباده؟

أليس اللهُ يُولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل؟
فعلامَ يَدُلُّ ذلك؟ يدُلُّ على قدرته العظيمة جل جلاله. أليس اللهُ يحيي الأرض
بعد موتها فتجدين الأرض المجدبة تحولتْ إلى
حديقة غناء خضراء؟ فعلامَ يحثُّ ذلك؟

يحث على عدم اليأس مِن رحمته جل جلاله، فكلُّ شيءٍ
سيَتَغَيَّر لصالحك بتوفيق الله، وعليك بما يلي:

١- ارضي وقولي: الحمد لله، وتذكَّري قوله تعالى:
{ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ }
[البقرة: 216].
٢- استغفري مِن ذنوبك، وادعي ربك ألا يُؤاخذك وأن يتوبَ عليك.
٣- استَعيني به سبحانه، وادعيه وارجيه،
وألِحِّي عليه بأن يُبْدِلك حالًا خيرًا مِن حالك.
٤- تقرَّبي إليه بالطاعات مِن: صلاة، وصيام، وذِكْر،
وتلاوة للقرآن، وغير ذلك مما يفتح اللهُ عليك به.
٥- أيقني بقدرته العظيمة، وأنه لا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
لا بُدَّ مِن بذل الأسباب، ولا بد مِن بذل الجهد لكي تنالي ما تريدين؛
فمثلًا والداك يحتاجان إلى ابنتهما التي تبثُّ روح الأمل في أنفسهما،
لكي يُغَيِّرا من أنفسهما، فبدلًا من أن تحاسبي والدتك شجِّعيها
على التغيير، وساعديها مثلًا في تنظيف المنزل، واقترحي عليها
اقتراحات ترفع مِن هِمَّتِها، وكذلك والدك اعتني به، وتحدَّثي إليه كثيرًا،
وصاحبيه ليبثَّ إليك همومه، ونَفِّسي عنه لينفس اللهُ عنك.
أنعِشي الأجواء في المنزل بدلًا مِن أن تنتقدي، وبعدَها تأمَّلي كيف
سيتوالى عليك الخير بإذن الله، حتى ما ذكرتِ مِن مسألة قلة الجمال،
فمنذ متى كان القبحُ والجمال يحكم عليه من مظهر؟ وكم هم
الأشخاص الذين حسُنَتْ أشكالهم وقبحتْ أفعالهم، فما فائدة جمالهم؟
ثم إن حُسن الأخلاق مع الله أولًا ثم مع العباد، يكسب الإنسان قَبولًا
في أعين الناظرين، فتجدينه محبوبًا، يُفتقد حين يغيب،
ويُشتاق إليه من يعرفونه كثيرًا.
ما فائدة الجمال إن كان صاحبُه محرومًا مِن رضا الله جل جلاله
ومحبة الخلق؟ ولا تنسَيْ أننا في الجنة سنكون
بإذن الله متساوين في الحُسن فلا تهمك الدنيا.
إنَّ الله متَّعك بالصحة والعافية التي يفتقدها الكثيرُ ممن أشكالهم حسنة،
فتجدينهم يتردَّدون على المستشفيات للعلاج، وكذلك ممن ابتلوا بفَقْدِ
كثيرٍ مِن مقومات الصحة، فذلك مشلول، وذلك يمشي بقدمٍ واحدةٍ،
وذلك مَحروم الأطراف، والحمد لله على نِعَمِه.

ابدئي يا بُنيتي في التغيير، بل سارعي، ولا تحرمي نفسك متعةَ
الانشراح والأنس بالله وذكره وطاعته، وثقي بأنك
بعد ذلك ستكونين في غاية الرضا.
أصلح الله حالكم، ووفقكم لما يُحب ويرضى مِن الأعمال والأخلاق
منقول للفائدة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق