الأربعاء، 24 يونيو 2020

نساء في حياة زوجك

نساء في حياة زوجك

أعلم أن المرأة تحب أن يكون زوجها لها وحدها ، وخاصة من النساء ،

فلا ترتاح إذا كان مهتماً بامرأة سواها ، تأخذ من تفكيره ، ووقته

، وحبه ، وماله .

لكن الواقع لا يحقق لها هذا ، فمِنْ حول الرجل كثيرات ينبغي عليه أن يهتم

بهن ؛ فيعطيهن من وقته ، وحبه ، وماله ، وتفكيره ، وجهده . وعلى

الزوجة أن تدرك هذا ، وتتكيّف معه ، وتقدره ،وتعين زوجها عليه .

في مقدمة هؤلاء النساء اللواتي لا يملك الرجل التخلي عنهن : أمه ، أمه

التي حملته في بطنها تسعة أشهر ، وأرضعته ، وربَّته ، ورعته ، وضحَّتْ

من أجله حتى صار رجلاً فتزوج امرأة ،فهل يصبح لها ، لهذه الزوجة ،

وحدها ، فيهجر أمه التي عملت كثيراً ، وقدمت كثيراً ، وضحت كثيراً ؟!!

وهذا ما يأمر به دينه ، فالله سبحانه يقول:

{ وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ

وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ }

لقمان 14 .

ويقول عز وجل:

{ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ

وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ

أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا

تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }

الأحقاف 15 .

وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم يوصيه بأمه ، كما في قوله لمن سأله

عن أحق الناس بصحبته

( أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك ) . وحين سألته أم المؤمنين عائشة

رضي الله عنها : يا رسول الله؛ من أعظم الناس حقاً على المرأة ؟ قال

زوجها ، ثم سألته : من أعظم الناس حقاً على الرجل ؟ فقال : أمه .

إن إدراك المرأة هذا الحق العظيم لأم زوجها عليه ؛ يجعلها معينة له على برِّ

أمه ، مذكِّرة له إذا انشغل أو نسي ، فلا تفعل ما قد تفعله بعض الزوجات من

تحريضه على أمه ، أو إبعاده عنها ،أو إحساسها بالفرح إذا هجرها وقطعها .

عليها أن تدرك أن أبناءها أيضاً سيكبرون بإذن الله ، وسيتزوَّجون ، وأنها

لن ترضى أن يفعلوا بها ما تحرض زوجها على أن يفعله بأمه .

ومن النساء الأخريات في حياة الرجل: أخواته ، فهنَّ من أقرب أرحامه إليه ،

وعليه واجبات كثيرة تجاههنَّ ، ولا بد من أن يقوم بها ويؤديها لهن .

وكذلك عليها أن تدرك أن أبناءها سيكبرون ويتزوجون بإذن الله ، وأنها لن

ترضى أن تمنعهم زوجاتهم من أن يؤدوا واجبانهم تجاه شقيقاتهم

اللواتي هنَّ بناتها .

ومن النساء اللواتي لهنَّ على الرجل حقوق : عمَّاته وخالاته ، وخاصة إن لم

يكن لهن أزواج وأبناء ، ولم يكن هناك من أقارب سوى هذا الزوج ، فإن

قيام الرجل بحقوقهن قد يجعل زوجته تضيق لأنها ، كما قلت ،

تريد زوجها لها وحدها .

وأذكر هنا حديثه صلى الله عليه وسلم الذي يجعل فيه الخالة بمنزلة الأم ،

فعن البراء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال

( الخالة بمنزلة الأم )

متفق عليه ، وفي رواية في الصحيح أيضاً:

( الخالة والدة ) .

ومن أقارب الرجل من النساء: جدته

( أم أبيه أو أم أمه ) فلها حق الصلة ، صلة الرحم ،

وما تشمله من رحمة ، و برّ ، وإحسان ، وعون .

هؤلاء نساء حول الرجل ، تقل أو تزيد واجباته تجاههنّ ، حسب حاجاتهنّ ،

وأحوالهنّ ، وقربهنّ أو بُعدهنّ ، في المكان وغير المكان ، فعلى المرأة

أن تقدر انشغال زوجها بهنّ ، واهتمامه بحالهنّ ، وتلبية احتياجاتهنّ .

ولتستحضر ما يأتيه من أجر على ذلك ، ومن رضا ربه سبحانه عنه ، وزيادة

رزقه له ، كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم من أن صلة الرحم من

أسباب زيادة الرزق ، وهذا كله ستستفيد منه المرأة حين يوفق الله زوجها ،

ويرزقه ، ويعينه .

ولا بد من كلمة للزوج أقول له فيها : إن أداءك ما عليك من واجبات تجاه

جميع هؤلاء اللواتي أشرت إليهن ، لا يعني أبداً أن تهمل زوجتك ، وتنسى

حقوقها الكثيرة عليك ، فواجباتك تجاهها ليست قليلة ، وليست هينة ويسيرة.

وأعلم أن قيامك بجميع تلك الواجبات ، تجاه جميع هؤلاء النساء من حولك ،

يُحمِّلك أعباء ثقيلة ، قد لا يكفيها ما تملكه من مال ، وما عندك من وقت ،

وما يتوفر لديك من جهد . لكن تذكرك ما يأتيك من أجر ، وثواب ، وفضل ،

وعون في الدنيا والآخرة ، يجعلك أقوى ، وأصبر ، وأحرص

على مواصلة هذا العطاء وزيادته .

وهذه بعض أحاديثه صلى الله عليه وسلم التي تبشرك بذلك :

( الرحم معلقة بالعرش تقول :

من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعه الله )

متفق عليه .

( من أحب أن يُبسط له في رزقه ، ويُنسأ له في أثره ، فليصل رحمه )

متفق عليه .

( هل تُنصرون وترزقون إلا بضعفائكم )

البخاري .

( رضا الرب في رضا الوالدين ، وسخطه في سخطهما )

صحيح الجامع .

والأحاديث في هذا كثيرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق