الأحد، 18 أكتوبر 2020

ومضى عام 1

 ومضى عام 1


ها قد أوشك عامنا على الرحيل ، و قد أودع كل منا فيه ما أودع ،

من خير أو شر .

أيه الإخوة :

إن في مرور هذه الأعوام و تتابع السنين ، و انقضاء الأيام

و الليالي عبرة و عظة .

يقول الله تعالى :

( إن في خلق السماوات و الأرض و اختلاف الليل و النهار لآيات لأولي الألباب ) ( آل عمران 190 )

و قال تعالى :

( وهو الذي جعل الليل و النهار خِلفة لمن أراد أن يذّكر أو أراد شكورا ) ( الفرقان 62 )



ترى أيه الاخوة :

ما هي العبرة التي نأخذها من مرور السنين وتتابع الأيام ؟



لو سألنا أنفسنا هذا السؤال لأجاب أكثرنا : أن أعمارنا سوف تزيد ، و حياتنا سوف تطول ، فنحن قد زاد في أعمارنا عام كامل .

هذا هو ظن كثير منا ، لا يرى في تتابع الأيام و الليالي إلا أنها زيادة في عمره .

و لكن – و الله – أيه الإخوة : إن الحقيقة بعكس ذلك ،و بضد ذلك .

فما هذه الأيام التي تمر ، و ما هذه الأعوام التي تمضي إلا نقص في حياتنا و هدم في أعمارنا .

أيه الإخوة :

إن الأعمار مضروبة ، و الآجال مقسومة ، و كل واحد منا قد قسم له نصيبه في هذه الحياة ،
فهذا يعيش خمسين سنة ، و ذاك يعيش ستين سنة ، و ذاك يعيش عشرين سنة .

و أنت منذ أن خرجت إلى الدنيا ، و أنت تهدم في عمرك و تنقص من أجلك .

أ رأيت يا أخي لو أن أنسانا سافر من مدينة إلى أخرى ، فإنه كلما قطع مسافة سوف تقصر المسافة
التي بينه و بين تلك المدينة التي يريد الذهاب إليها .

أ رأيت إلى هذا التقويم الذي نضعه فوق مكاتبنا في بداية كل عام ، إنه مليء بالأوراق ،
وفي كل يوم نأخذ منه ورقة واحدة فقط ، وفي نهاية العام لا يبقى منه إلا الجلدة فقط .

هكذا عمري و عمرك يا أخي : مجموعة أيام ، و مجموعة ليالي ، كلما مضي يوم أو انقضت ليلة كلما نقصت أعمارنا ،
كلما نقص رصيد أيامنا في هذا الحياة حتى ينتهي ذلك الرصيد ، ثم نغادر هذه الدنيا .

واه لنا ثم واه لنا ، ما أشد غفلتنا عن هذه الحقيقة .

أخي في الله :

ربما يكره كثير منا ذكر الموت ، وربما يقول لك : لا نريد أن تكدر علينا حياتنا ،

و سبحان الله

و الله لو نسينا الموت فإنه لن ينسانا، و لو تشاغلنا عنه لما تشاغل عنا .

أيها الإخوة :

إنّ تذكر الموت هو وصية الحبيب الشفوق علينا الرحيم بنا،

فقد صح عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( تذكروا هادم اللذات ) و قال : ( أكثروا من ذكر هادم اللذات )

ترى أيها الإخوة

لو سألنا أنفسنا الآن : هل نحن نحدث أنفسنا بالموت ؟

أم أننا الآن نحدثها بأنها لن تموت إلا بعد سنوات و سنوات .

أيها الإخوة :

بقول الله تعالى : ( قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ) نعم إن الموت ليس وراءنا ،

بل هو أمامنا ، و نحن نقطع المراحل إليه ، نحن نسير سيرا حثيثا إليه ،

و يوشك أن نبلغ الساعة التي كتب الله أن نغادر فيها هذه الدنيا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق