الخميس، 22 أكتوبر 2020

الحياة كتاب كبير عنوانه: الدنيا 2

 الحياة كتاب كبير عنوانه: الدنيا 2

هذه الحياة كتاب كبير عنوانه: " الـــــدنيـــــــــا "

فإذا فتحته وجدت فيه أخبار أهل الأرض، وآثارهم، وما قدموه، والكتاب ينتقل بك من فصل إلى فصل،

ومن صفحة إلى صفحة، حتى إذا اقتربت من نهايته جاءت العلامات المؤذنة بالزوال والانقضاء، وهي الأشراط ،

فإذا تكاملت أشراط الساعة ، أغلق الكتاب وصار حديثا وخبرا وذكرى:

{ يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين} .

فإذا انتهى كتاب "الدنيا" مضى الناس إلى عالم آخر غير العالم الذي ألفوه، عالم سمعوا به ولم يروه،

قرأوا في كتب المرسلين عن أخباره، فآمن به من آمن، وكفر به من كفر، فإذا هم اليوم وكأنهم كانوا في حلم ثم انتبهوا،

وإذا بكل لذات الدنيا قد ذهبت، وإذا بكل آلامها قد نسيت، وكأن شيئا لم يكن،

وكأن الدنيا بأسرها إنما كانت ساعة، تعارف الناس فيها، وسأل بعضهم عن بعضهم، ثم انقضت وكأن حادثا لم يحدث:

{ ويوم نحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم}..

حينذاك يؤتى بأنعم أهل الأرض، من أهل النار، فيغمس في النار غمسة واحدة فيقال له:

هل مربك نعيم قط؟ فيقول: لا والله ما مر بي نعيم قط..

ويؤتى بأبأس أهل الأرض، من أهل الجنة، فيغمس في الجنة غمسة واحدة،

فيقال له: هل مر بك بؤس قط، فيقول: لا والله ما مر بي بؤس قط.

فإذا بجميع لذات الدنيا تذوب في غمسة واحدة في النار، وإذا بجميع آلام الدنيا تنسى في غمسة واحدة في الجنة..

الطائع تحمل مشقة الطاعة، وصبر على القيام بأمر الله، وصبر عن الحرام، فأين هو اليوم من ذلك التعب والمشقة؟.

زال التعب، وذهبت المشقة، وبقي الأجر والفرح والراحة:

{ وقالوا الحمدلله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور *

الذي أحلنا دار المقامة من فضله لايمسنا فيها نصب ولايمسنا فيها لغوب } .

وهذا العاصي الذي ركب هواه، وفعل الحرام، وتلذذ بالآثام، أين هو اليوم من تلك اللذة، هل يشعر بها؟، هل يستمتع بها؟.

ذهبت اللذة والمتعة، وجاء الألم والشقاء:

{ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ}..

الطائع طلب الراحة بتعب جسده في طاعة الله، فوجدها، والعاصي طلب الراحة في معصية الله،

فما وجدها، وإنما وجد التعب والنصب والحزن.

- لازلنا نتحدث عن سرعة انقضاء الأيام وتوالي الساعات والثواني، وسيرها بلا فتور ولاتواني، وهو أمر مقلق حقا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق